والفرق بين (أخرى وأخرى): أن التي هي أنثى (آخر) لا تدل على انتهاء، كما لا يدل عليه مذكرها، فذلك يعطف عليها مثلها من صنف واحد، كقولك: عندي رجل وآخر وأخر، وعندي امرأة وأخرى وأخرى، وليس كذلك بمعنى آخرة، بل تدل على الانتهاء، كما يدل عليه مذكرها، ولذلك لا يعطف عليها مثلها من صنف واحد.
وإذا عرفت هذا فتقول: المانع من صرف (أخر) المقابل لآخرين الوصفية والعدل. أما الوصفية فظاهرة، وأما العدل فلأنه غير عما كان يستحقه من استعماله بلفظ ما للواحد المذكر بدون تغيير معناه. وذلك أن (آخر) من باب (أفعل) التفضيل، فحقه أن لا يثنى ولا يجمع، ولا يؤنث إلا مع الألف واللام، أو الإضافة، فعدل في تجرده منها، واستعماله لغير الواحد المذكر عن لفظ آخر إلى لفظ التثنية والجمع والتأنيث، بحسب ما يراد به من المعنى فقيل: عندي رجلان آخران ورجال آخرون، وامرأة أخرى، ونساء أخر.
فكل هذه الأمثلة صفة معدولة عن (آخر) إلا أنه لم يظهر أثر الوصفية والعدل إلا في (أخر) لأنه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون، وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما، بخلاف (أخرى). فلذلك خص بنسبة اجتماع الوصفية والعدل إليه، إحالة منع الصرف عليه.
وقد ظهر مما ذكرنا أن المانع من صرف (أخر) كونه صفة معدولة عن (آخر) مرادا به جمع المؤنث، ولو سمي به بقي على منعه من الصرف للعملية والعدل عن مثال إلى مثال.
٦٥٨ - وكن لجمع مشبه متفاعلا .... أو المفاعيل بمنع كافلا
٦٥٩ - وذا اعتلال منه كالجواري .... رفعا وجرا أجره ساري
٦٦٠ - ولسراويل بهذا الجمع .... شبه اقتضى عموم المنع ٢٥١ //
٦٦١ - وإن به سمي أو بما لحق .... به فالانصراف منعه يحق
مما يمنع من الصرف الجمع المشبه (مفاعل أو مفاعيل) في كون أوله حرفا مفتوحا، وثالثه ألفا غير عوض، يليها كسر غير عارض ملفوظ به، أو مقدر على أول حرفين بعدها كـ (مساجد ودراهم وكواعب ومدارى ودواب) أصلهما: مداري ودوايب، أو ثلاثة أوسطها ساكن غير منوي به، وبما بعده الانفصال كـ (مصابيح ودنانير) فإن الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية في اللفظ، بخروجه عن صيغ الآحاد العربية، وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية، فاستحق المنع من الصرف.