سورة الأعراف ٧: ٤٤
{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}:
{وَنَادَى}: النداء: هو رفع الصوت.
{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ}: ليس بالضرورة كون أصحاب الجنة مجاورين لأصحاب النار؛ حتى يتم النداء. وعبر عن الخطاب بين أصحاب الجنة وأصحاب النار بالنداء، ولم يقل: وقال؛ لأن النداء أكثر دلالة على بلوغه أسماع أصحاب النار، وقد يسئل سائل فيقول سيكون البعد شاسع بينهما؛ فالآن الواحد منا يستطيع أن ينادي، ويتحدث عبر الأقمار الاصطناعية، والهواتف، والإنترنت مع أي رجل في أية بقعة من العالم، المهم أن نفهم من الآيات: أن هناك حواراً بين أصحاب الجنة، وأصحاب النار، وأصحاب الأعراف، ورؤية، فأصحاب الجنة قادرون على رؤية أصحاب النار، وليس العكس صحيحاً؛ أيْ: لا يرى أصحاب النار أصحاب الجنة.
{أَنْ}: المخففة؛ للتوكيد، وتعني: أيْ: قد وجدنا، قد: للتحقيق، والتوكيد.
{وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا}: أيْ: ما وعدنا ربنا حقاً؛ أي: لم يتغير، أو يتبدل، أو ينقص؛ أيْ: تماماً كما وعدنا.
{فَهَلْ}: الفاء: للتوكيد، هل: للاستفهام، والتوبيخ.
{وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}: ما وعد ربكم من العذاب حقاً.
انتبه! إلى الاختلاف بين: فهل وجدتم ما وعد ربكم، ولم يقل: ما وعدكم ربكم.
أصحاب الجنة: كانوا ينتظرون وعد الله لهم؛ لأنهم كانوا يصدقون بما وعدهم ربهم بالجنات والنعيم، وما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
ولذلك قالوا: {وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا}: أي: الوعد كان من الله، وهم قبلوا بالوعد، والوعد يكون من الطرفين، بينما أصحاب النار كانوا مكذبين بكل ما وعد الله من البعث، والحساب، والثواب، والعقاب، مكذبين للوعد، وللوعيد؛ أيْ: لم يقبلوا بوعد الله تعالى، ولذلك كان وعداً من طرف واحد؛ هو الله، وهم رفضوا قبوله، ولذلك قال: {وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}، ولم يقل: ما وعدكم ربكم.
{قَالُوا نَعَمْ}: أيْ: قال أصحاب النار: نعم.
{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ}: الفاء: للتعقيب، والمباشرة، أذن مؤذن: نادى منادٍ، والأذان: هو رفع الصوت بالإعلام بشيء، نادى منادٍ من الملائكة.
{بَيْنَهُمْ}: بين أصحاب الجنة، وأصحاب النار.
{أَنْ لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}: أن: للتوكيد، واللعنة: من اللعن: هو الطرد، والإبعاد عن رحمة الله -سبحانه وتعالى- ، والخزي، والإهانة.
{عَلَى الظَّالِمِينَ}: كل الظالمين، ولم يقل: ألا لعنة الله على أصحاب النار؛ لكانت اللغة خاصَّةً بهم، فقط.
وبما أن أصحاب النار جزءٌ من الظالمين؛ فهو لعن كل الظالمين.