سورة الأنفال ٨: ١٧
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِىَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}:
المناسبة: لما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيش قريش؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- داعياً الله سبحانه: «هذه قريش قد جاءت بخيلائها، وفخرها؛ يكذبون رسولك؛ اللهم إنّي أسألك ما وعدتني؛ فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال له: خذ قبضة من التّراب فارمهم بها، فقال: لما التقى الجمعان لعليٍّ -رضي الله عنه- : أعطني قبضةً من رمل الوادي؛ فرمى بها وجوههم، وقال: شاهت الوجوه، فلم يبقَ مشترك إلا شُغل بعينه؛ فانهزموا، فلحق بهم المؤمنون يقتلونهم، ويأسرونهم، وبعد المعركة معركة بدر، أخذ الصّحابة يتفاخرون بأنّهم قتلوا، وأسروا وفعلوا كذا، وكذا فنزلت هذه الآية». رواه الطبري، والقرطبي، وابن كثير.
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}: الخطاب للمؤمنين؛ الفاء: جواب شرط محذوف تقديره: لا تقولوا، ولا تفتخروا، ولا تظنوا أنكم قتلتموهم في معركة بدر، ولكنّ الله قتلهم.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}: لكن: حرف استدراك؛ للتوكيد، ولكن الله قتلهم: بأيديكم، وأيدي الملائكة الكرام.
{وَمَا رَمَيْتَ}: يا محمّد أعين الأعداء بالحصى؛ لأنّ كفاً من الحصى لا يملأ عيون جيش يزيد عن الألف، ولكن الله القوي العزيز هو الّذي رمى.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}: أوصل ذرات الرّمل تلك، أو التّراب إلى عيونهم، وقذف في قلوبهم الرّعب.
{وَلِيُبْلِىَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا}: ليبلي: اللام: لام التّوكيد، والتّعليل، وليبلي: من البلاء، والبلاء: يكون في الخير، أو الشّر، وهنا كان بلاءً حسناً؛ أيْ: اختباراً حسناً. منه: من الله في خوض المعركة، والقتال، وبالتّالي بالنّصر، والغنيمة؛ لكي يُطلعَ المؤمنين على صدق إيمانهم، ونواياهم؛ فيكون حُجَّةً لهم، أو حُجَّةً عليهم.
{إِنَّ}: للتوكيد.
{اللَّهَ سَمِيعٌ}: أحاط سمعه بجميع أقوال عباده في السّر، والعلن، وأدعيتهم، وتضرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأقوال أعدائهم، وما قاله الكفار، والمشركون.
{عَلِيمٌ}: بأحوال المؤمنين، وأحوال المشركين، وعليم بنواياهم، وظواهرهم، وبواطنهم.