سورة التوبة ٩: ١٧
{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِى النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}:
{مَا}: النّافية.
{كَانَ}: أيْ: ما كان ينبغي، وليس معقولاً، أو مقبولاً، أو يصح للمشركين. اللام: لام الاختصاص، والتّوكيد؛ أن يعمروا مساجد الله.
{يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ}: العمارة نوعين: حسية؛ تعني: التّشييد، والبناء، والتّرميم والإعداد.
والعمارة المعنوية: القدوم إلى المسجد، والصّلاة، والذّكر، والاعتكاف، والعبادة.
{أَنْ}: حرف مصدري؛ يعني: التّوكيد للمشرك.
إذن لا يُعقل، أو يصح أن يبني المشركون مسجداً لله، أو يأتوا إليه، ويعمروه بالعبادة؛ لأنّ ذلك يصبح شاهداً عليهم بالكفر؛ إضافة إلى الشّهود الآخرين.
أو {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}: بما يقولونه؛ أيْ: بكلامهم الّذي لا يطابق أفعالهم.
{مَسَاجِدَ اللَّهِ}: جمع مسجد، ومسجد اسم جنس، ومساجد الله تشمل كلّ مسجد بما فيها المسجد الحرام.
{أُولَئِكَ}: اسم إشارة للبعد.
{حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}: بطلت وذهبت أجورها بلا فائدة؛ بسبب شركهم، وكفرهم.
{حَبِطَتْ}: مشتقة من مرض الحبط الّذي يصيب الماشية؛ فتصاب بانتفاخ البطن، أو الحبن، ويُظن أنها سمينة، أو نمت وهي في الحقيقة مريضة، ومتورِّمة، وما نراه هو ليس لحماً، أو شحماً، وإنّما تورُّم مرضيٌّ، ثمّ تموت الماشية، ولا يستفاد منها بشيء. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢١٧)؛ لمزيد من البيان.
{وَفِى النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}: قدَّم الجار والمجرور للحصر والقصر.
{هُمْ}: ضمير يفيد التّوكيد.
{خَالِدُونَ}: من الخلود، وهو استمرار البقاء من وقت له بداية، وليس له نهاية.