سورة التوبة ٩: ٢٥
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}:
{لَقَدْ}: اللام: للتوكيد، قد: للتحقيق؛ أيْ: قد ثبت، وتحقق ذلك النّصر.
{نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}: مواطن: جمع موطن: اسم مكان لفعل وطن، يطن، والموطن: هو مكان التّوطن؛ أي: الإقامة، ويطلق على موقع المعركة.
{مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}: مثل: بدر، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة.
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}: غزوة، أو موقعة حنين، وحنين: وادي بين مكة، والطائف.
خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعه عشرة آلاف مقاتل من المدينة، مع ألفين من أهل مكة؛ لمحاربة هوزان، وثقيف بعد فتح مكة، وكانوا أربعة آلاف، فأُعجب المؤمنون بكثرتهم، وقالوا عندها: لن نغلب بعد اليوم من قلة، ولكن سرعان ما انهزموا في بداية المعركة، ولم تغن عنهم كثرتهم شيئاً، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ثمّ لما عدلوا عن غرورهم، وتضرعوا إلى الله؛ نصرهم الله في نهاية المعركة، وأنزل جنوداً (ملائكة، ولكنها لم تقاتل).
{إِذْ}: ظرفية زمانية؛ تفيد الفجأة.
{أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ}: أيْ: غرتكم كثرة عددكم، ولم تتوكلوا على الله.
{فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـئًا}: تُغن: ولم يقل تغني، حذف الياء؛ للدلالة على أن هذا كان غنى مؤقت في بداية المعركة وزال، أما يغني: بزيادة الياء يعني: غنى كامل ودائم؛ أيْ: لم تنفعكم شيئاً، وفررتم في أول المعركة، ولم يبق مع النّبي إلا مئة رجل. شيئاً: نكرة، وتعني: أي شيء، والشيء: هو أقل القليل.
{وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}: أيْ: ضاقت عليكم رغم سعتها، ورحابها.
{ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}: ثم: لتباين موقف الغرور، والشّعور بالنصر، مع الشّعور بالهزيمة.
{مُّدْبِرِينَ}: جمع مدبر: اسم فاعل من أدبر، انهزمتم راجعين من أرض المعركة على أدباركم؛ إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعه العباس، وأبو سفيان، وقلة من الصّحابة.