سورة التوبة ٩: ٣٠
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}: وقالت بعض الطّوائف من اليهود: عزير ابن الله؛ عزيرٌ بالتّنوين، وعند اليهود يسمَّى: عِزْرا، ويقرأ بالتّنوين، أو بالضّم: عزيرُ، وهو نبي من أنبياء بني إسرائيل، ضرب الله به مثلاً؛ لإحياء الموتى حين قال تعالى: {أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْىِ هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ}.
وقيل: قد حفظ التّوراة عن ظهر قلب. وقيل: إنّه كتب التّوراة لبني إسرائيل بعد أن فقدها بنو إسرائيل إلى العمالقة.
{وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}: لكونه وُلِدَ بلا أب، وجرت على يديه الكثير من المعجزات؛ مثل: إحياء الموتى، والتّكلم في المهد، وخلق الطّير من الطّين، ومعالجة الأكمه، والأبرص.
{ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ}: ذلك: اسم إشارة للبعد، ويشير إلى قولهم: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله.
{قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ}: أيْ: مجرد قول بالفم، لا سند له، ولا برهان، كلام لغو، وعبث، والباء: للإلصاق.
{يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: يضاهئون: يشابهون، أو يماثلون، والمضاهاة: هي المشابهة، والمماثلة، وقيل: مشتقة من امرأة ضهياء: هي المرأة الّتي لا يظهر لها ثدي، أو قيل: لا تحيض، وأنّها تشبه الرّجل.
{قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: الوثنيين، وقدماء الفرس، والعرب المشركين؛ الّذين قالوا: الملائكة بنات الله.
{مِنْ قَبْلُ}: من الأمم الّذين جاؤوا من قبلهم.
من قبلُ: بالضّم حين تضم: تدل على مدة معينة من الزّمن، سواء أكانت قريبة، أم بعيدة.
من قبلِ: وحين تكسر تدل على مدة غير معينة قريبة، أو بعيدة
{قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}: لعنهم الله، وطردهم من رحمته، أو أبعدهم عن رحمته، وهو دعاء عليهم بالهلاك.
{أَنَّى يُؤْفَكُونَ}: أيْ: كيف يصرفون عن الحق، والدّليل: وهو توحيد الله، وتنزيهه عن الشّرك، والولد إلى عبادة مخلوقاته؛ مثل: المسيح ابن مريم، والعزير، والأوثان.
{يُؤْفَكُونَ}: مشتقة من الإفك، وهو الكذب المفترى المتعمَّد. ارجع إلى سورة العنكبوت، آية (٦١)؛ للبيان.