سورة البقرة ٢: ١٢٤
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِى قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِينَ}:
{وَإِذِ}: ظرف زمان للماضي، تعني: واذكر إذا ابتلى، أو اذكر حين {ابْتَلَى إِبْرَاهِمَ رَبُّهُ}.
{ابْتَلَى إِبْرَاهِمَ رَبُّهُ}: ابتلى: اختبره، والابتلاء: الاختبار. ارجع إلى الآية (٤٩) للبيان.
ابتلاه ربُّه: تربيته له، وإعداده لحمل الرسالة، وليظهر استحقاقه للإمامة.
إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن مالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
إبراهيم: معناه في السريانية والعبرية: الأب الرحيم، وإبراهيم في العبرية: إبراهام، وكلمة إبراهيم كلمة أعجمية الأصل، اسم إبراهيم ورد في (٦) لغات: إبراهِم، إبراهَم، إبراهام، أبرهم.
وورد ذكر اسم إبراهيم (٦٩) مرة في القرآن الكريم.
{رَبُّهُ}: أولاً: فيه تقديم المفعول على الفاعل، فيه تشريف لإبراهيم -عليه السلام- .
{بِكَلِمَاتٍ}: أي: بتكاليف (أوامر ونواهٍ)؛ ولأنّ التكليف من الله هو مجرد كلمة افعل أو لا تفعل، وما هي هذه التكاليف؛ اختلف العلماء فيها؛ نذكر منها:
صبره على إلقائه في النار، الهجرة إلى الشام، الهجرة إلى مصر، وبناء الكعبة، وبذبح ابنه.
وقيل: هي مناسك الحج، وقيل: هي خصال الفطرة، وهي المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وقص الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، والختان، والاستنجاء.
وربّما كان ابتلاؤه بكل هذه الأمور معاً، والله أعلم.
{فَأَتَمَّهُنَّ}: الفاء للتوكيد، أتمهن: أداهن تامات، وأخبر عن ذلك -جل وعلا- في قوله: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِى وَفَّى} النجم: ٣٧.
وبعد أن أتمهن كاملات، وفاز بالابتلاء؛ قال -جل وعلا- له: {إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}:
{إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ}: اللام في (النّاس): لام الاختصاص. النّاس: ارجع إلى الآية (٢١).
{إِمَامًا}: الإمام؛ اسم من يؤتمُّ به، في الدِّين.
والإمام تعني: القدوة في الدِّين، أو الرسول.
{قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِى}: استقبل إبراهيم البشرى؛ بجعله إماماً، بقوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِى}.
وقول إبراهيم: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِى}: من: ابتدائية؛ تعني: بعض ذريتي، فمن يصلح للإمامة. والذرية: هم نسل الرجل؛ أولاده، وأحفاده.
واستجاب له ربه، بقوله: {وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} العنكبوت: ٢٧.
وذرية مشتقة من: ذرأ الله الخلق؛ أي: أظهرهم بالإيجاد.
{قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِينَ}: قال: تعود على الحق سبحانه.
{لَا}: النّافية؛ لكل الأزمنة.
{يَنَالُ}: النيل، الظفر، أو الحصول.
{عَهْدِى}: الإمامة، وقيل: النبوة بالرسالة.
{الظَّالِمِينَ}: الكفار، أو العصاة؛ أي: من كان ظالماً لن ينال عندي.