سورة التوبة ٩: ١١٥
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}:
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا}: ما: النّافية.
{لِيُضِلَّ}: اللام: لام التّوكيد، والتّعليل. ليضل: من الضلال، والضّلال له معانٍ: الهلاك، والنّسيان، والضّياع، والضّلال: ضد الهدى، والرّشاد إلى طريق الحق، والصّواب، أو الانحراف عن المنهج، واتباع طريق الباطل. ارجع إلى سورة البقرة، آية (١٩٨)؛ لبيان معنى الضلال.
{لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}: إذ: ظرفية، وحتّى: حرف غاية نهاية الغاية، ما: اسم موصول؛ بمعنى: الّذي يتقون.
{حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}: حتّى يُبيِّن لهم ما شُرع لهم، أو ما أمروا به من الطّاعة، أو النّهي، واجتنابه، والحلال، والحرام عن طريق الرّسل، والكتب، والوحي؛ أيْ: يبيِّن لهم طريق الهداية، والتّقوى؛ فإذا لم يتقوه، أو يفعلوا ما أمرهم به، أو نهاهم عنه، أو يهتدوا بعد تلك الوسائل؛ عندئذٍ يتركهم في ضلالهم، وانحرافهم يعمهون، وهذا يعتبر عذراً لمن خالف قبل ورود النّهي عنه، وكما قيل: لا حكم قبل الشّرع؛ فهؤلاء الّذين استغفروا لذوي قرباهم قبل نزول هذه الآية؛ فلن يؤاخذهم الله على ما فعلوا، وليس عليهم ذنب، أو إثم.
{إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}: إنّ: للتوكيد.
{بِكُلِّ}: الباء: للإلصاق، والاختصاص.
{شَىْءٍ}: نكرة؛ أيْ: يعلم من هو ضالٌّ، ومن هو مهتدٍ، وعليم بأحوال النّاس، وأعمالهم، وما شرع لهم.
{عَلِيمٌ}: صيغة مبالغة؛ أيْ: كثير العلم، يعلم الأقوال، والأفعال، وما يجري في السّماء، والأرض، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ويعلم ما في البر، والبحر، وما أهلك الله سبحانه أمة حتّى يبيِّن لها ما يجب أن تتقيه من أسباب الهلاك، والدّمار، وذلك عن طريق كتبه ورسله وأنبيائه.