سورة هود ١١: ٧
{وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}:
{وَهُوَ الَّذِى}: هو: ضمير فصل تفيد التّوكيد، والحصر، الّذي: اسم موصول؛ يفيد التّعظيم.
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ}: وقد بيَّن كيفية هذا الخلق في سورة الأنبياء، آية (٣٠)، وفي سورة فصلت، الآية (٩-١٢)، وسورة الأعراف، آية (٥٤)، وسورة البقرة، آية (٢٢، ٢٩).
ولماذا لم يتم الخلق بكلمة (كن)؟
لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه.
قد تكون للدّلالة على عظمة وطلاقة قدرته سبحانه، ولكي يُمكن الإنسان من اكتشاف الحقائق العلمية، واستخدامها كآيات دالة على وجود، وعظمة الخالق، والقدرة على إعمار الأرض، والعيش عليها.
{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}: قبل خلق السّموات، والأرض.
{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}: يندرج تحت الإيمان بالغيب، والخوض في كيف كان عرشه على الماء، لا يأتي بثمرة، بل نؤمن به، كما أخبرنا سبحانه وتعالى، وعلّمنا سبحانه: أنّ العرش أعظم من خلق السّموات، والأرض، وخلق السّموات، والأرض أعظم من خلق النّاس، وما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة. رواه أبو ذر الغفاري. أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة.
فهو صاحب العرش؛ أي: المالك، والحاكم.
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}: اللام: لام التّعليل، خلق السّموات والأرض لكم؛ لكي تتمكنوا من العيش في الأرض، وبالتّالي ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، ولكي يبلوكم لا بُدَّ من إيجاد كوكب تستطيعوا العيش فيه، و {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} الملك: ٢، {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} الكهف: ٧، والله سبحانه ليس بحاجة أن يختبر، أو يبتلي عباده؛ فهو سبحانه يعلم منذ الأزل نتيجة الابتلاء، وهذا الابتلاء ليبيِّن لهم أنفسهم نتيجة ابتلائهم.
{وَلَئِنْ}: الواو: استئنافية؛ لئن: اللام: لام التّوكيد، إن: شرطية تفيد الاحتمال، والنّدرة.
{قُلْتَ}: يا محمّد -صلى الله عليه وسلم- لأولئك الكافرين المنكرين للبعث والحساب أنكم:
{مَّبْعُوثُونَ}: أيْ: ستبعثون من بعد الموت، وستحاسبون على أعمالكم.
{لَيَقُولَنَّ}: اللام: لام التّوكيد، وكذلك نون النّسوة زيادة في التّوكيد.
{الَّذِينَ كَفَرُوا}: ارجع إلى سورة البقرة، آية (٦)؛ لبيان معنى الكفر.
{إِنْ}: حرف نفي أشد نفياً من: ما؛ أيْ: ما هذا.
{هَذَا}: الهاء: للتنبيه، ذا: اسم إشارة للقرب، وتعني: هذا الّذي تقوله.
{إِلَّا}: حصراً.
{سِحْرٌ مُبِينٌ}: سحر: مجرَّد تخيُّل وحيل، وليس حقيقة.
{مُبِينٌ}: سحر ظاهر لكلّ إنسان، وسحر مظهر لنفسه لا يحتاج إلى أحد أن يبرهن، أو يدلل أنّه سحر.
ووصفوه بالسّحر؛ لأنّهم رأوا تأثيره القوي في الأنفس، أو كونه غريباً خارقاً للعادة. ارجع إلى سورة البقرة، آية (١٠٢)، وطه، آية (٥٨)؛ للبيان.