سورة هود ١١: ٣٢
{قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}:
{قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا}: قد: حرف تحقيق، وتوكيد.
{جَادَلْتَنَا}: من الجَدلْ، وهو الحوار الّذي يحدث بين طرفين أو أكثر؛ لإظهار حُجة، أو لدفع شبهة، أو إثبات حق، وقد يحدث فيه مشادة كلامية؛ فهو حوار غير هادئ.
والمراء: هو الجدال بعد ظهور الحق، وقد يستعمل للوصول إلى الحقّ؛ كقوله: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} النحل: ١٢٥.
أمّا الحجاج: هو إظهار حُجَّة الخصم على الخصم.
{قَدْ جَادَلْتَنَا}: لم يقل: لما تجادلنا؛ ليدل على أنّ نوح هو الّذي كان يلاحقهم، ويجادلهم، وهم لا يريدون الكلام إليه.
{فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا}: يعني: أنّ نوحاً هو الّذي كان يجادلهم، ويكثر جدالهم، وهم كانوا يهربون منه، ويجعلون أصابعهم في آذانهم، ويستغشون ثيابهم كي لا يسمعوا دعوته.
{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}: هنا تبدأ مرحلة التّحدي؛ فقد انتهت مرحلة التّكذيب، وعدم التّصديق، وبما أنّ نوحاً عاش بينهم (٩٥٠ عاماً) يدعوهم؛ فأصبحوا غير مكترثين به، وبدعوته، وبوعيده.
{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا}: ولم يقل: وعدتنا، بل قال: تعدنا: فعل مضارع يدلّ على التّجدُّد، والتّكرار؛ لأنّه كان يكرر، ويكرر، ويحذرهم المرات العديدة، أمّا وعدتنا فتعني: مرة، أو مرتين.
{بِمَا}: الباء: للإلصاق، والتّوكيد. ما: اسم موصول؛ تعني: الّذي تعدنا، وهو العذاب.
{إِنْ كُنْتَ}: إن: شرطية؛ تحتمل الشّك، والاحتمال أن تكون من بين الصّادقين في إنذارك، ووعيدك، وكلامك.