سورة هود ١١: ٨١
{قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ الَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}:
{قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ}: قالوا؛ أي: الملائكة.
{يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ}: وهكذا أخبر الملائكة لوطاً -عليه السلام- لأوّل مرة بأنّهم رسل من الله.
{رُسُلُ رَبِّكَ}: رُسُل: جمع رسول، أو مرسل من ربه، ويدل على أنّهم ثلاثة، أو أكثر.
{لَنْ}: حرف نفي للمستقبل القريب، والبعيد.
{يَصِلُوا إِلَيْكَ}: بأيِّ سوء بسببنا، ثمّ أخبرته الملائكة أيضاً.
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}: من أسرى: السّير ليلاً، والباء: معناها المصاحبة، فأسر بأهلك؛ أي: اخرج ليلاً، وهناك فرق بين أسرى: سار أول الليل، وسَرَى: سار آخر الليل.
{بِقِطْعٍ مِنَ الَّيْلِ}: قطعٍ: جمع قطعة؛ أي: جزءاً؛ أي: أسر بأهلك في جزءٍ من الليل، أو من آخر الليل.
{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ}: لا: النّاهية؛ لا يلتفت ورائه التفات حسي.
{إِلَّا امْرَأَتَكَ}: أيْ: لا تَسْرِ بها، ولا تخرج معكم؛ إنها من الغابرين؛ أي: الهالكين، فهذا الاحتمال هو الأقوى.
أو أسر بأهلك إلا امرأتك: الاستثناء متعلِّق بالإسراء، وقد يحتمل الاستثناء أن يكون متعلِّقاً بكلمة يلتفت؛ فيكون المعنى: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك، وعلى هذا تكون قد سرت معهم، ولكنها التفتت فأصابها العذاب، وهذا احتمال ضئيل. وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٦٥) من سورة الحجر وهي قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ الَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} ففي هذ الآية لم يذكر إلا امرأته؛ لأن ذكرها جاء في الآية (٥٩-٦٠) من سورة الحجر حيث قال تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}، وأيضاً في سورة الحجر أضاف قوله تعالى: {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ} فهذا يدل على أن لوطاً يمشي ورائهم ويعلم أن امرأته ليست معهم.
{إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ}: إنّه: للتوكيد.
{مَا}: بمعنى: الّذي.
{أَصَابَهُمْ}: رغم كونه لم يحدث بعد جاء به بالفعل الماضي، وكأنّه حدث وانتهى.
{إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ}: ردّاً على سؤال لوط للملائكة عن وقت إهلاكهم، موعدهم الصّبح، واختار الصّبح؛ لأنّه وقت النّوم العميق، والهدوء، وعلى غير استعداد؛ فيكون العذاب أشد فيوقظهم من نومهم.
{أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}: الهمزة: استفهام تقريري.
{الصُّبْحُ}: هو الزّمن الّذي يلي الفجر، ويطلق على أول النّهار، وفي سورة الحجر آية (٧٣) قال تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} فإذا جمعنا بين الاثنين نجد أن عذابهم ابتدأ الصبح، واستمر حتى شروق الشمس، فآية هود تدل على زمن بدء العذاب، وآية الحجر تدل على زمن انتهاء العذاب.