سورة البقرة ٢: ١٥٥
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم}: الواو: استئنافية. لنبلونكم: اللام: للتأكيد، وكذلك النون في (نبلونكم): لزيادة التّوكيد.
(نبلونكم): من الابتلاء، ارجع إلى الآية (٤٩) لبيان معنى الابتلاء، وقد يكون بالخير أو بالشر، والابتلاء أشد من الاختبار، والفتنة أشد من الابتلاء، وقمة الابتلاءات الاستشهاد في سبيل الله -عز وجل- .
{بِشَىْءٍ}: الباء: للإلصاق. {بِشَىْءٍ}: نكرة، والتنكير هنا؛ يفيد التقليل، وتعريف الشيء هو أقل القليل، ثم بين هذا الشيء بخمسة أنواع، وهي: الخوف، والجوع، ونقصٍ من الأموال، والأنفس، والثمرات.
{مِنَ الْخَوْفِ}: (الابتلاء الأول): من الابتداء ابتداء الخوف، ويمكن أن يقال: التبعيض بعض الخوف
{الْخَوْفِ}: هو اضطراب نفسي، وعدم الشعور بالأمن من توقع شيء ضارٍّ مقبلٍ، لا قدر له على دفعه، والخوف أحياناً خور لا ضرورة له، فإذا أراد الإنسان أن يؤمن نفسه من أمر يخيفه، فما عليه إلَّا أن يأخذ بالأسباب لمحاربة هذا الخوف، والخوف له أسباب متعددة.
وبشيء من {وَالْجُوعِ}: (الابتلاء الثّاني): بشيء قليل من الجوع، والجوع: هو خلو المعدة من الطعام؛ أي: الصبر على عدم الطعام، وقدَّم الخوف على الجوع؛ لأنّ هذه الآيات جاءت في سياق الاستعداد لمعركة بدر الكبرى، وغيرها من المعارك، وخلال القتال قلما يفكِّر الإنسان بالجوع، وإنما بالخوف، وأما في حالات السلم؛ فإن الخوف أكثر شيوعاً من الجوع، والجوع إذا اشتد في المجتمع قد يؤدي إلى السرقة، ثم إلى القتل، وبالتالي السرقة تؤدي إلى الخوف.
{وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ} (الابتلاء الثالث): بالهلاك، والضياع، وتعطل حركة التجارة، والإيراد والتصدير، والبيع والشراء.
{وَالْأَنفُسِ} (الابتلاء الرابع): ونقص من الأنفس، بالقتل، والمرض، والكوارث الطبيعية، والزلازل، والفيضانات، والموت الطبيعي، وموت الأولاد، والأقارب.
{وَالثَّمَرَاتِ} (الابتلاء الخامس): ونقص من الثمرات: بفساد الثمار، أو إتلافها بالحشرات، والحرائق، أو إمساك المطر، أو البرد، وغيرها.
{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}: الخطاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو لكل من يتأتى منه الصبر، وهو محتسب لوجه الله، وراضٍ بقضاء الله وقدره، وبشر الصابرين في كل هذه الابتلاءات.
{الَّذِينَ}: وصفهم الله بأنهم إذا أصابتهم مصيبة: {قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.