سورة يوسف ١٢: ٦٤
{قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}:
{قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ}: قال يعقوب.
{هَلْ}: استفهام فيه معنى النّفي؛ أيْ: ما آمنكم عليه، وهل: أشد استفهاماً من الهمزة، كما لو قال: أأمنكم عليه.
{إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}: أيْ: ستفرطون به؛ أيْ: تضيعونه كما فرطتم: ضيعتم يوسف من قبل.
{آمَنُكُمْ عَلَيْهِ}: للقرآن خصائص، ومن خصائصه استعمال آمنكم عليه؛ تعني: للأشخاص، وعلى: تفيد الاستعلاء، والتّسلط، والعدوان؛ مثل قوله تعالى: {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} النور: ٥٠.
وأما للأموال فيستعمل به؛ مثال قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} المائدة: ٧٥.
{إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ}: إلا: أداة حصر.
{كَمَا}: الكاف: للتشبيه؛ ما: مصدرية.
{أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ}: يوسف من قبل سابقاً في الماضي، ومعنى الآية: إنكم لم تستطيعوا حفظ يوسف من قبل؛ فكيف ستستطيعون حفظ بنيامين.
{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}: فالله خير حافظاً: فالله خير حافظاً منكم، وقُرئت: فالله خيرٌ حِفظاً؛ أيْ: منكم، وجاءت بالتّنوين؛ لتدل على الحال، والمستقبل، ولا تعني الآية المقارنة بينهم، وبين الله؛ فهي لا تجوز، ولا تستقيم، ومن المعلوم أنّ الله سبحانه يرسل حفظة (ملائكة) موكلون بحفظ العبد، كما في قوله: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الرعد: ١١.
وقول يعقوب: فالله خير حافظاً؛ تعني: أنّي أتوكل على الله، وأفوض أمري إليه؛ لأنّه هو خير حافظاً، ويبدو أنّه سيفكر في الأمر، ويضع لهم بعض الشّروط لإرساله معهم.
{وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}: هو: ضمير فصل؛ يفيد التّوكيد؛ أيْ: خير الحافظين.
{أَرْحَمُ}: على وزن أفعل أفضل اسم تفضيل.
{الرَّاحِمِينَ}: جمع راحم، اسم فاعل من رحم، أرحم الرّاحمين بي، وبكلّ خلقه؛ فعسى أن يرحمني برحمته، ويرد يوسف إليَّ، جرى هذا الحديث قبل فتح متاعهم.