سورة الرعد ١٣: ٣٣
{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِى الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}:
{أَفَمَنْ هُوَ}: أفمن: الهمزة: للاستفهام الإنكاري؛ الفاء: للتوكيد، ومن: اسم موصول.
{هُوَ}: تعود على الله (ضمير منفصل)؛ تفيد التّوكيد، والحصر.
{قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ}: القيام: تولي خلقه من رزق، وحفظ، وتدبير، ورقابة، وإحصاء، ورعاية.
{كُلِّ نَفْسٍ}: صالحة، أو طالحة مؤمنة، أو كافرة.
{بِمَا كَسَبَتْ}: بما: الباء: للإلصاق، والتّوكيد، بما كسبت من خير وشر. ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٨٦) للبيان في معنى كسبت, ويعد لكلٍّ جزاءه. أين جواب الاستفهام؟ محذوف؛ ليترك للقارئ أن يجيب عليه كقوله: كمن ليس هو بقائم من الأصنام… وغيرها.
{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ}: أي: كيف تشركون بالله، وتجعلون له شركاء، وهو الّذي يرزقكم، ويتولى أموركم، ويحفظكم، ويُحصي أعمالكم أو تجعلون لله شركاء عاجزين عن نفعكم، أو ضركم، ولا يعلمون بحالكم شيئاً، وغير قائمين بحالكم.
{قُلْ سَمُّوهُمْ}: سمّوا هؤلاء الشّركاء الّذين تزعمون. قل سموهم: على سبيل التهكم والسخرية منهم وليس على سبيل الأمر أو الواجب.
{أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِى الْأَرْضِ}: أم: حرف إضراب انتقالي؛ استفهام مصحوب بالإنكار، والتّوبيخ؛ أم تخبرونه بشركاء له تعبدونهم، وهو لا يعلمهم أو لا وجود لهم في الأرض؛ لأنّه يعلم ما في السّموات، وما في الأرض، وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض، ولا في السّماء.
{أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ}: أم: مجرد قول لا حقيقة له وعبث، أو مجرد قول بالأفواه لا معنى له، أو مجرد أسماء سميتموها أنتم، وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان.
{بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ}: بل: للإضراب الانتقالي.
{زُيِّنَ}: المُزين هو الشّيطان.
{مَكْرُهُمْ}: والمكر: هو التّدبير الخفي الّذي يقوم به الماكر؛ للنيل من الممكور به، وهو احتيال في خُفية، وسببه عجز الماكر عن مقاومة الممكور به، وهو أوّل مراتب الجبن، ويتراوح بين الخفيف، والعظيم، ونتيجة المكر السّيئ هي: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فاطر: ٤٣.
ومكرهم هنا يعني: جعل تلك الأصنام، والأوثان، والشركاء آلهة تعبد من دون الله.
{وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ}: أي: أعرضوا هم أنفسهم عن الإيمان، واتباع الحق، ومنعوا الآخرين كذلك من اتباع الهدى، ودين الله.
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}: ومن: الواو: استئنافية؛ من: شرطية تشمل الواحد، أو الجمع.
{يُضْلِلِ اللَّهُ}: من يختار طريق الضّلالة، ويعرض عن سبيل الله يُمد الله له في ضلاله، وإذا قارنا قوله تعالى في هذه الآية {يُضْلِلِ اللَّهُ} مع قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ} غافر: ٣٤: يُضلل: أي: يمد الله له في ضلاله؛ يُضل: أي: هناك من يُضله.
{فَمَا لَهُ}: فما: الفاء: رابطة لجواب الشّرط؛ تفيد التّوكيد؛ ما: النّافية.
{لَهُ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق.
{مِنْ هَادٍ}: من: استغراقية؛ أي: هادي يهديه إلى الحق، والصواب، والإيمان، ولن تجد له ولياً مرشداً.