سورة إبراهيم ١٤: ١٩
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}: ألم: الهمزة: استفهامية، وتقرير، ومعناها: ألم تعلم، وألم تر رؤية عقلية فكرية، وما يخبرنا به الله سبحانه هو أصدق مما لو رأيناه بأمّ أعيننا، أو ألم ينته علمك: أنّ الله خلق السّموات والأرض؟! ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٢، ٢٩)، والأنبياء، آية (٣٠)، وسورة فصلت آية (٩-١٢)؛ لبيان كيف خلق السموات والأرض.
{بِالْحَقِّ}: الباء: للإلصاق، والحق: الشّيء الثّابت الّذي لا يتغير؛ أي: بالدّقة الفائقة، وبالقوانين الثّابتة الّتي تحكم السّموات، وما فيها من ملايين الأجرام، أو المجرات، والنجوم الثابتة لا تصطدم ببعضها رغم اختلاف كتلها، وأبعادها، وحركتها منذ (١٤ ألف مليون سنة)، والتي تدل على قدرة وعظمة وحكمة الخالق، الفاطر، البارئ لهن. الإله الحق واجب الوجود الذي يستحق العبادة وحده.
ووردت هذه الآية في سور مختلفة منها:
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} الحجر: ٨٥.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} الأنبياء: ١٦؛ أي: عبثاً.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} ص: ٢٧.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} الدخان: ٣٨.
فتكرار هذه الآية؛ ليدل، ويؤكد على أن خلق السّموات والأرض من أعظم الدلالات على طلاقة القدرة الإلهية، ووحدانية الخالق وعظمته.
{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}: إن: شرطية؛ تفيد الاحتمال، أو النّدرة.
{يَشَأْ}: من الإشاءة: وهي تسبق مرحلة الإرادة؛ إن يشأ: إن كفرتم به وجحدتم خلقه. أن يذهبكم: أي: يستبدلكم بخلق جديد، أو يستخلفكم بآخرين {وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} التوبة: ٣٩، وهذا يدل على طلاقة قدرته سبحانه، كما دل على ذلك أيضاً خلق السّموات والأرض، واعلموا أنّ خلق السّموات والأرض أكبر من خلق النّاس، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} غافر: ٥٧.
{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ}: بأن يميتكم، أو يقضي عليكم، أو يهلكهم، ويأتي بخلق جديد لا يعصوه، أو أفضل منكم، وإذا قضى أمراً فإنما يقول له: {كُنْ فَيَكُونُ} البقرة: ١١٧.