سورة إبراهيم ١٤: ٣٦
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}:
{رَبِّ إِنَّهُنَّ}: إنهن: للتوكيد، وهن: ضمير يعود على الأصنام.
{أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ}: والسّؤال: وهل تضل هذه الأصنام أحداً؛ لأنّها جمادات لا تبصر ولا تسمع ولا تتكلم، ولا تنفع ولا تضر؟
الجواب: بما أنّ الأصنام لا تنفع ولا تضر، ولكن القائمين عليها يدعون ويضلون النّاس أنّ لها ألوهية؛ فهم السّبب، أضللن كثيراً؛ لأنّ النّاس ضلوا بسببهن؛ فكأنهن أضللنهم، أو كأنها أضلّتهم.
{فَمَنْ}: الفاء: عاطفة لربط السّبب بالمسبب؛ من: شرطية.
{تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى}: تبعني؛ أي: في الاعتقاد، والدّين، والملة؛ فإنّه مني؛ أي: على سنتي أو ملتي.
{وَمَنْ عَصَانِى}: أي: من لم يتبعني؛ فإنّه ليس مني، ويعني: أنّه عصى إبراهيم -عليه السلام- .
وقال إبراهيم: {فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: ولم يقل كما قال عيسى بن مريم: {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}: إنّك: ضمير متصل تفيد الكمال في الرّحمة والغفران، ولماذا يختلف قول إبراهيم عن قول عيسى -عليه السلام- ؟
الجواب: لأنّ فتنة إبراهيم في الأصنام، أو في سياق الأصنام، بينما فتنة عيسى -عليه السلام- كانت في نفسه أنه إله، أو ابن إله، أو ثالث ثلاثة، وفي أمه؛ فهي أشد وأعظم.
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}: أي: تغفر لهم نتيجة لعزتك، وحكمتك.