سورة إبراهيم ١٤: ٣٧
{رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْـئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}:
{رَبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ}: للتوكيد؛ أسكنت: من السّكن والإقامة، والاطمئنان والأمن.
{مِنْ ذُرِّيَّتِى}: من: ابتدائية؛ من: بعضية بعض ذريتي، والذّرية: هم الأولاد (الذكور والإناث)؛ من ذريتي: إسماعيل، وذرية إسماعيل بقية أولاد إبراهيم كانوا في الشّام.
{بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ}: بواد: الباء: ظرفية، وتعني: في واد غير: تفيد المغايرة؛ أي: لا فيه حرث، ولا زرع ولا ماء في ذلك الوادي، ولم يقل بواد غير ذي نبات؛ فكل ما تنبته الأرض يطلق عليه نبات قد يفيد أو لا يفيد، وينبت بالطريقة الفطرية، أمّا الزرع: فهو أساس حياة النّاس، ويحتاج إلى من يزرعه، ونحن نعلم أن أرض مكة أرض صخرية لا تسمح بالزراعة، والماء نادر؛ لكونها تشكلت من البراكين.
{عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}: عند: ظرف مكان، وقوله -عليه السلام- : عند بيتك المحرم، ولم يكن هناك بيتاً، ولا بلداً، وإنما وادٍ غير ذي زرع؛ يدل على أنّه أُوحي إليه، وأُخبر عن موقع البيت الحرام، وأنّه موجود في هذه المنطقة.
{رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ}: أي: أسكنت من ذريتي عند بيتك المحرم ليقيموا الصّلاة، واللام: لام التّعليل. وخص بذكر الصلاة؛ لأنها تجمع أركان الإسلام الخمسة.
{فَاجْعَلْ أَفْـئِدَةً مِنَ النَّاسِ}: أفئدة: عقول من النّاس.
{مِنَ}: للتبعيض، وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: لو قال: أفئدة النّاس، ولم يقل: أفئدة من النّاس: لازدحمت عليه الأمم المختلفة: الرّوم، والهندوس، واليهود، والنّصارى، والمجوس، والإسلام يأتون للحج، والعمرة.
{مِنَ النَّاسِ} أي: من المسلمين فقط.
{تَهْوِى إِلَيْهِمْ}: من هوى؛ أي: أسرع في السّير تطير إليه قلوبهم شوقاً وحباً.
{وَارْزُقْهُم مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}: لكونه واد غير ذي زرع؛ فهم يحتاجون إلى ما يأكلونه من الثّمار.
{لَعَلَّهُمْ}: لعل: للتعليل يشكرون. ارجع إلى سورة الأعراف، آية (١٠) للبيان.