سورة النحل ١٦: ٢٦
{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ}:
{قَدْ}: حرف للتحقيق؛ تفيد التّكثير.
{مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: مكر: ارجع إلى الآية (٤٦) من سورة إبراهيم.
مكر الكثير الّذين من قبلهم من قبل كفار مكة؛ مثل: النّمرود، والّذي ألقى بإبراهيم في النّار، وفرعون الّذي حاول قتل موسى… وغيرهم.
{مِنْ}: ابتدائية؛ أيْ: ما يحدث لك سبق وحدث مع من سبقك من الرّسل.
{فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}: شبّه مكر الماكرين: وهم كفار قريش حين اجتمعوا على قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واختاروا من كلّ قبيلة رجلاً فيضربوه ضربة رجل واحد؛ فيتفرق دمه في القبائل؛ فأتاه جبريل -عليه السلام- فأخبره؛ فنجى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكرهم «من سيرة ابن هشام»، وأذاقهم وبال مكرهم، أو مكر النّمرود بإبراهيم، أو فرعون بموسى… وغيرهم.
شبه مكرهم بحال قوم بنوا بنياناً عالياً؛ فتركهم الله سبحانه ليتموا البناء، ويشعروا بالأمن المزيف والباطل؛ فأتى الله بنيانهم من القواعد: إشارة إلى أن الله زلزل الأرض من تحتهم؛ مما أدى إلى إصابة بنياتهم من القواعد؛ أي: الأسس، وجذور بيوتهم؛ مما أدى إلى أن يخرَّ عليهم السقف من فوقهم؛ فيقضي عليهم.
{فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}: خرَّ سقط بسرعة، ومن دون إنذار.
{السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}: أيْ: خرَّ البناء من فوقهم، ويعني هم كانوا تحته واقفون، أو جالسون تحته، أو نائمون.
{وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ}: من جهة لا تخطر على بالهم؛ لكي لا يستعدوا لذلك، ولا ينجو منهم أحداً، ولا يتوقعون ذلك؛ فيكون مجيء العذاب فجأة، وهذا إنذار لهم، وأن مكرهم بالرّسل والمؤمنين سيرجع وباله عليهم، ويؤيِّد ذلك قوله سبحانه: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فاطر: ٤٣.
سورة النّحل الآيات ٢٧ - ٣٤