سورة النحل ١٦: ٤٣
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَسْـئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}:
هذه الآية ردٌّ على سؤالهم: ولو شاء الله لأنزل ملائكة وإنكارهم أن يرسل الله بشراً رسولاً، ويريدون ملكاً رسولاً.
{وَمَا}: الواو: استئنافية؛ ما: النّافية.
{أَرْسَلْنَا}: بصيغة الجمع؛ للتعظيم؛ أرسلنا: تعني: بمنهج جديد، أو رسالة جديدة، وهناك فرق بين أرسلنا، وبعثنا. ارجع إلى سورة البقرة، آية (١١٩)؛ للبيان.
{إِلَّا رِجَالًا}: إلا: أداة حصر.
{رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِمْ}: رجالاً: لها عدة معانٍ:
الأول: أي: لن يرسل ملائكة، كما يطلبون.
الثّاني: فيها دلالة على أنّ النّبوَّة لا تكون إلّا في الرجال فقط، ولا تكون في النّساء.
الثالث: رجالاً نحن نختارهم، ولستم أنتم، كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} الأنعام: ١٢٤.
الرابع: يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق رداً على قولهم: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى الْأَسْوَاقِ} الفرقان: ٧.
{نُّوحِى إِلَيْهِمْ}: الوحي: هو إعلام بخفاء، وشرعاً: هو ما يلقي الله على أنبيائه ورسله من تكاليف، وتعاليم دينية، وآيات ووعد ووعيد، ويكون بإرسال رسول؛ كجبريل، أو التكلُّم من وراء حجاب، أو غيره من الوسائل. ارجع إلى سورة النساء، آية (١٦٣)؛ لمزيد من البيان.
{فَسْـئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}: فاسألوا أيها المشركون أهل الذّكر من مؤمني أهل الكتاب؛ مثل عبد الله بن سلام، أو سلمان الفارسي، أو علماء التّوراة والإنجيل؛ مثل: ورقة بن نوفل، وقيل: أهل الذّكر أيضاً أهل القرآن عن الرّسل الّذين جاؤوا قبل محمّد -صلى الله عليه وسلم-، هل كانوا إلّا بشراً، وما جاؤوا به الحق من ربهم، أو اسألوا أهل الذكر من هو النّبي المنتظر.
{إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}: إن: شرطية تفيد الشّك، والاحتمال.