سورة النحل ١٦: ٩٣
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِى مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْـئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}:
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ}: لو: حرف امتناع لامتناع، امتناع وجود الجواب لامتناع وجود الشّرط.
{لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}: أيْ: لهداكم أجمعين سواء بالاختيار، أو القسر، أو كلاهما معاً، أو حملكم على الوفاء بالعهود قسراً، أو جعلكم على دين واحد، أو ملَّة واحدة؛ فلا اختلاف، ولا بغضاء، ولا عداوة، وألف بين قلوبكم، ولكن لم يشأ، بل منح لكم العقل، وعرض عليكم الأمانة، وبيَّن لكم الحق، والباطل، وأرسل إليكم رسله، وأنزل إليكم كتبه، وترك لكم الخيار.
{وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ}: يُضل؛ أيْ: من اختار لنفسه طريق الضّلال، والإعراض عن منهج الله، واستمر على ذلك وابتعد، عندها يتركه الله سبحانه لما اختاره لنفسه من الضّلال والخذلان، وكذلك يعلم سبحانه في علمه الأزلي أنّ هذا الضّال لن يتوب؛ أيْ: يرجع عن كفره فيمدُّ له في الضّلالة مدّاً، وقدَّم يضل على يهدي؛ لأنّ الضّالين في الأرض أكثر من المهتدين.
{وَيَهْدِى مَنْ يَشَاءُ}: ويهدي من اختار لنفسه طريق الهداية، والطّاعة، ويمدُّ له، ويزيد في هدايته.
{وَلَتُسْـئَلُنَّ}: اللام: للتوكيد، والنّون: لزيادة التّوكيد.
{عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}: عن: للمجاوزة، والابتعاد؛ ما: اسم موصول بمعنى: الّذي، أو مصدر. وما: أوسع شمولاً من الذي.
{كُنتُمْ}: في الدّنيا.
{تَعْمَلُونَ}: تقولون، وتفعلون العمل يشمل القول والفعل؛ تعملون: من الضّلال، أو الاهتداء.
ولو كانت مسألة الهداية، أو الضّلالة جبرية قسرية؛ لما سألهم عما كانوا يعملون.
سورة النّحل الآيات ٩٤ - ١٠٢