سورة النحل ١٦: ١٢٢
{وَآتَيْنَاهُ فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}:
{وَآتَيْنَاهُ}: من الإيتاء: وهو العطاء من دون تملك، وإمكانية استرداد ما أعطي، والإيتاء: أعم من العطاء، ويشمل الأشياء الحسية، والمعنوية.
{فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً}: قيل: الحسنة في الدّنيا تعني: الثّناء عليه من قبل جميع أهل الأرض، ومحبتهم له، والحسنة: هي الذّكر الحسن، أو الثّناء الحسن، والصّلاة عليه المقرونة بالصلاة على محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: الحسنة هي النّبوَّة.
أو هي الذّرية الطّيبة: {وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} العنكبوت: ٣٧، وجاء بصيغة النّكرة؛ لكي تشمل كلّ أنواع الحسنات، ولمعرفة معنى الحسنة: ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٠١)؛ لمزيد من البيان.
{وَإِنَّهُ}: إنّ: للتوكيد؛ أيْ: إبراهيم.
{فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}: في: ظرفية زمانية، ومكانية.
{لَمِنَ}: اللام: للتوكيد، والاختصاص.
{الصَّالِحِينَ}: ارجع إلى سورة البقرة، الآية (١٣٠).
لنقارن هذه الآية من سورة النّحل: {وَآتَيْنَاهُ فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.
مع الآية (٢٧) من سورة العنكبوت: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.
استعمل أجره بدلاً من حسنة؛ لأنّ في سورة العنكبوت: ذكر تبليغ الرّسالة، والدّعوة إلى التّوحيد فيها ذكر العمل المتواصل، ولذلك ذكر الأجر المقابل للعمل به.
بينما في سورة النّحل: لم يذكر أيَّ دعوة، أو تبليغ لإبراهيم، وإنما ذكر محاسن إبراهيم، ولذلك ليس هناك ذكر للأجر المقابل للعامل.