سورة الإسراء ١٧: ١٦
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}:
{وَإِذَا}: ظرف زماني للمستقبل يتضمن معنى الشرط.
{أَرَدْنَا أَنْ نُّهْلِكَ}: أن: حرف مصدري يفيد التّوكيد، والتّعليل.
{قَرْيَةً}: أي: سكان القرية، وكلمة القرية تعني: أهل القرية، والبنيان.
{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}: أمرنا أغنياءها بالطاعة، والالتزام بمنهج الله على لسان الرّسل، ولكنهم خالفوا، وعصوا، أو معنى أمرنا: كثرنا. قيل: أمر كثر؛ أي: كثرنا عدد المترفين فيها؛ لكي يشتد فسادهم، وفسقهم.
{فَفَسَقُوا فِيهَا}: ففسقوا: الفاء: للتوكيد؛ فسقوا: خرجوا عن طاعة الله تعالى، أو عن دينه، وخالفوا، وعصوا.
{فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ}: فحق: الفاء: للتوكيد؛ حق: وجب عليها العذاب، أو استحقت القول (العذاب)، ولم يقع بعد، وسيقع لا محالة في الدّنيا.
ولو قال: ووقع القول كما في قوله تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} النمل: ٨٥؛ أي: قد وقع وانتهى، أو يقع الآن.
{فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}: التدمير يعني: الخراب، والهلاك، والدمار: هو دائماً يأتي كعقوبة، ويشمل كل شيء بلا استثناء. ارجع إلى سورة الحج، آية (٤٥)؛ لمعرفة معنى: الهلاك.
أي: أهلكنا كل أهلها، ولم يُستثنَ أحد من المترفين وغيرهم، كما في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً}؛ أي: تصيب الجميع؛ لأنّ غير المترفين لم ينهوا المترفين بالكف عن عصيانهم، وضلالهم، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} القصص: ٥٩، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} هود: ١١٧، وحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث»، كما روى البخاري عن زينب بنت جحش.