سورة الإسراء ١٧: ١٨
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا}:
{مَنْ}: ابتدائية شرطية.
{كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ}: العاجلة: مؤنث العاجل؛ أي: الدّنيا، ولم يقل: من أراد الدّنيا؛ إنما قال: يريد: فعل مضارع يدل على التّجدد، وطلب الدّنيا باستمرار، وعدم الكف عن ذلك.
{عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ}: بالقدر الّذي نشاء، ولمن نختار، أو لمن نريد، وليس حسب ما يريده ويطلبه العبد، أو بالقدر الّذي يشاؤه العبد؛ كقوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِى الْأَرْضِ} الشورى: ٢٧. وإذا قارنا هذه الآية مع قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا} آل عمران: ١٤٥؛ لأن الثواب متجدد في كل عمل.
{ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ}: ثم: للترتيب، والتراخي في الزمن.
{جَعَلْنَا}: صيرنا، أو هيَّئنا.
{لَهُ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق.
{جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا}: يحترق بها، ولمعنى جهنم: ارجع إلى الآية (١٨) من سورة الرعد.
{مَذْمُومًا}: مذموماً، من الذم: من الله، والملائكة، والناس أجمعين، والذم يعني: أتى بعمل يستحق الذم؛ أي: اللوم على أمر قبيح، سواء أكان المذموم أمامك، أم غائباً، وهو نقيض المدح.
وأما الفرق بين اللوم، والذم؛ اللوم: قد يكون على فعل حسن؛ كاللوم على كثرة الصدقة.
أما الذم: فلا يكون إلا على فعل قبيح فقط.
{مَّدْحُورًا}: مطروداً من رحمة الله سبحانه، أو مبعداً عنها.
الفرق بين يريد، وأراد:
يريد: تدل على التّجدد، والاستمرار في طلب الدّنيا، وأنه دائماً مشغول بها.
أراد: بصيغة الماضي تدل على قلة الطلب، والانشغال، والركض وراء الدّنيا.
ولربط الذم بالدحر مذموماً مدحوراً.
مذموماً: أي: فعل أمراً قبيحاً يستحق أن يُذم عليه، واستحق أن يُطرد، ويُبعد عن رحمة الله بسببه؛ أي: مدحوراً: اسم مفعول من دحر: طرد، وأبعد.
ولربط الذم بالخذلان: مذموماً مخذولاً.
مذموماً: أي: فعل أمراً قبيحاً يستحق أن يذم عليه، ولن يجد من يدافع عنه، أو ينصره؛ أي: مخذولاً من: خذله ترك عونه ونصرته، ومخذولاً: اسم مفعول.