سورة الإسراء ١٧: ٢٦
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}:
المناسبة: بعد أن ذكر الله سبحانه البر إلى الوالدين، وقرن ذلك بعبادته يوسع دائرة الإحسان، والبر؛ لتشمل ذوي القربى، والمساكين، وابن السبيل؛ فقال تعالى:
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى}: أي: أعطِ ذا القربى حقه؛ أي: جعل الله سبحانه حقاً للأقارب يجب الإيفاء بهذا الحق؛ أي: حقه من المال إذا كان محتاجاً، أو فقيراً، وحقه من المساعدة بشتى صورها، وإن لم يكن محتاجاً؛ فعليك البر إليه (صلة الرحم) بالمعاملة الكريمة، والسؤال عنه، وتفقد حاله، وزيارته، وبالإهداء إليه.
{وَالْمِسْكِينَ}: تعريف المسكين: الّذي عنده مال لا يكفيه، والدليل على ذلك قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ} الكهف: ٧٩.
والفقير: هو الّذي لا يملك شيئاً؛ أي: هو أسوأ حالاً من المسكين.
وقوله: المسكين: يشمل الفقير، والمسكين؛ لأن الفقير أجدر بالعطاء من المسكين؛ حقه من الزكاة، والصدقات.
{وَابْنَ السَّبِيلِ}: أي: ابن الطريق المنقطع الّذي ضاع ماله، أو سُدَّت السبل أمامه، وليس معه ما يسد حاجته إلى العودة إلى دياره، والأكل. ارجع إلى الآية (٣٦) من سورة النساء؛ للبيان.
{وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}: ولا: النّاهية.
{تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}: التّبذير: هو إنفاق المال فيما لا يحل مثل إضاعة المال في المعاصي، والقمار… وغيرها.
والتّبذير أعظم من الإسراف، والتّبذير: مصدر لفعل: بذَّر (الرباعي).
والتّبذير: مأخوذة من البذر: وهو العملية الّتي يقوم بها الفلاح حيث يأخذ البذور الّتي يريد زراعتها، وينشرها بيده؛ فإن كان ماهراً يجيد البذر، تراه يبذر الحب؛ أي: يوزع الحب على الأرض بنسب متساوية بدون أن يضيع كمية من الحب في أمكنة لا تحتاج البذر.
وإن من الخطأ أن يظن القارئ: أن المقصود بهذه الآية أن التّبذير يعود على ذي القربى، والمسكين، وابن السبيل، وإنما الآية تشير إلى الإسراف في الأمور غير المباحة.