سورة الإسراء ١٧: ٥٤
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}:
{رَّبُّكُمْ}: الرب: هو الخالق، والمربي، والمدبر، ورب المؤمن، والكافر، ورب كل شيء.
{أَعْلَمُ بِكُمْ}: الخطاب هنا للكل، أو قد يكون للمشركين، أو للمؤمنين. أعلم بكم: أعلم بالمؤمن، أو غير المؤمن، والطائع، والعاصي؛ أعلم بإيمانكم، وبأعمالكم، وأحوالكم، وتقلبكم، وأعلم بحسناتكم، وسيئاتكم، وذنوبكم.
{إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ}: إن: شرطية؛ يشأ: من المشيئة الّتي تسبق الإرادة، والمشيئة لا تتغير.
فإذا كان الخطاب للمؤمنين يرحمكم: بالتوبة، ويغفر لكم ذنوبكم، ويرحمكم في الدّنيا، والآخرة بكثير من أنواع الرّحمة، أو أن يعذبكم بكثير من أنواع العذاب.
وإذا كان الخطاب للمشركين العاصين يرحمكم: يهديكم للإيمان، أو يعذبكم في الدّنيا، والآخرة بأنواع كثيرة من أنواع العذاب، أو يميتكم على الكفر.
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ}: ما: النّافية؛ أرسلناك: يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-. ارجع إلى سورة البقرة آية (١١٩) لبيان معنى الإرسال والبعث.
{عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}: أي: ليس موكلاً إليك أمرهم عنا لكي تجبرهم على الإسلام، والإيمان، أو مسؤول عن إيمانهم، أو مؤاخذ على أفعالهم، أو ليس موكلاً عليك الدفاع عنهم؛ لأنّ الوكيل يدافع عن موكله؛ أي: لتدافع عنهم يوم القيامة؛ أي: أنت لست وكيلاً عليهم ولست وكيلاً عنا.
وهذا من رأفة الله تعالى، ورحمته برسوله -صلى الله عليه وسلم-، وليس انتقاصاً من قدره؛ لأنّه كان -صلى الله عليه وسلم- باخعاً نفسه، وحريصاً على إيمانهم. وإذا قارنا هذه الآية مع قوله تعالى {أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} النساء: ٨٠؛ حفيظاً: تعني لكي تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها.