سورة الكهف ١٨: ٦
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}:
{فَلَعَلَّكَ}: الفاء: للتوكيد؛ لعلك: لها عدة احتمالات، والخطاب هنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
لعلك: للتراخي في المحبوب، وللإشفاق من المحذور، ويعني: أن يبخع نفسه، وهو المحذور.
لعلك: تعني النّهي؛ أي: لا تبخع نفسك، وتجمع الإشفاق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى النّهي.
لعلك: قد تفيد الاستفهام الّذي يحمل معنى النّهي؛ تعني: هل أنت ستهلك نفسك من جراء عدم إيمانهم.
{بَاخِعٌ نَّفْسَكَ}: مُهلك، أو قاتل نفسك؛ لكي يؤمنوا، وكلمة باخع أصلها البخع، وتعني: أن تبلغ بالذّبح البخاع، وهو وريد دم قريب من صُلب عظام الرّقبة، وهو أقصى حد يصل إليه الذّبح؛ أي: قاتلٌ نفسك حزناً، وأسفاً على إعراضهم، وعدم إيمانهم، وتكذيبهم بالقرآن كمن يذبح نفسه إلى درجة يصل بها الذبح إلى البخاع، وكأن الحق سبحانه يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ما عليك إلا البلاغ؛ خفف عنك هذا الحُزن والهم.
{عَلَى آثَارِهِمْ}: فلا تستمر في ملاحقتهم بعد توليهم {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} فاطر: ٨.
{إِنْ لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}: إن: شرطية تفيد الاحتمال، أو الشّك.
{لَّمْ}: نافية.
{يُؤْمِنُوا}: يصدقوا.
{بِهَذَا}: الباء: للإلصاق.
{الْحَدِيثِ}: هو القرآن الكريم.
{أَسَفًا}: المبالغة في الحزن، وقيل: أسفاً: ندماً، وجزعاً، وغضباً، فالله سبحانه نهى رسوله -صلى الله عليه وسلم- عن كثرة الحرص على إيمان قومه؛ لكي يؤدي ذلك إلى إصابته بضرر في نفسه من شدة الحُزن والأسى.