سورة البقرة ٢: ٢٠٦
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}:
{وَإِذَا}: ظرفية زمانية؛ لما يستقبل من الزمان متضمنة معنى الشّرط، وتفيد حتمية الحدوث، أو كثرته بعكس إن.
{قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ}: أي: إذا ظهر من أعماله ما يدل على الفساد في الأرض، وقلت له: اتق الله؛ أي: لا تفعل ذلك، أو خاف الله وعذابه؛ عندها يشعر المنافق، أو يفهم: أنّ ما في قلبه من نفاق قد ظهر، وانكشف.
{أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}: العزة: الحَمِيَّة، خلاف الذُّل، والانكسار، ظهرت عليه علامات الحَمِيَّة، والغضب؛ أي: حملته الحَمِيَّة على فعل الإثم الّذي أمر باجتنابه، أو استمر على فعله، ولم يتب. ارجع إلى سورة الأعراف آية (٣٣) للبيان.
والسّؤال هنا: هل هناك عزة بغير إثم؟
نعم! العزة لله، ولرسوله، وللمؤمنين هي عزة حقيقية، وهناك العزة المذمومة الّتي نحن بسياقها، {الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}: الباء: للإلصاق، والثّبوت.
{فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ}: الفاء: للترتيب، والتّعقيب، والسّرعة، حسبه: يكفيه جهنم فراشاً مهيئاً له. جهنم: هذا الاسم مشتق من كونها بعيدة القعر، وشديدة الغضب والكريهة والمستنكرة والمخيفة.
{وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}: الواو: للتأكيد، واللام: لزيادة التأكيد في لبئس، وبئس: من أفعال الذّم والتّحقير.
{الْمِهَادُ}: جمع مهد، وهو الفراش المريح الممهد للطفل لينام عليه، وهنا تعني: فراش المنافق النّار المهيأة له لكي يستريح فيها، وكما أنّ الطفل لا يستطيع مغادرة مهدِه، وهو عاجز، وغير قادر على المغادرة، وكذلك المنافق يفقد القدرة على الخروج من جهنم، وهذا التشبيه من قبيل التهكُّم.