سورة الكهف ١٨: ٤٨
{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِدًا}:
{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا}: من العرض: الظهور أمام ربهم صفاً صفاً؛ أي: مصفوفين يوم القيامة للحساب، وعرضوا بصيغة الماضي، وهو أمر لم يحدث بعد ومجيئه بصيغة الماضي يدل على قطعية الحدوث؛ أي: اعتبره حدث، وانتهى، والزّمن بالنّسبة لله تعالى كلّه سواء الماضي، والحاضر، والمستقبل؛ لأنّه مالك الزّمان والمكان وخالقهما.
وعند خروجهم من القبور يكونوا كالجراد المنتشر: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} القمر: ٨، وفي أرض المحشر يكونوا كالفراش المبثوث: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} القارعة: ٤، ثم تصفهم الملائكة في صفوف للعرض.
{لَّقَدْ}: اللام: للتوكيد؛ قد: للتحقيق، وزيادة التّوكيد.
{جِئْتُمُونَا}: مشتقة من المجيء، والمجيء فيه معنى المشقة، والصّعوبة؛ لأنّ البعث، والخروج من القبور أمراً ليس سهلاً لما فيه من الخوف، والرّعب، والأحداث الجسام يوم القيامة.
{كَمَا}: كما: الكاف للتشبيه؛ ما: حرف مصدري يفيد التّعليل.
{خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}: كما خرجتم من بطون أمّهاتكم حفاة عراة لا شيء معكم فرداً فرداً؛ كقوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} مريم: ٩٥.
{بَلْ}: بل: للإضراب الانتقالي؛ الخطاب موجه إلى منكري البعث، والحساب.
{زَعَمْتُمْ}: من الزّعم: وهو القول الغير مستند إلى دليل، أو ادعاء العلم، وأكثر ما يقع في الباطل.
{أَلَّنْ}: أن: للتوكيد؛ لن: لنفي المستقبل القريب، والبعيد.
{نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِدًا}: للقيامة، والحساب موعداً للعرض على ربكم.