سورة مريم ١٩: ٤٢
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِى عَنْكَ شَيْـئًا}:
{إِذْ}: أي: واذكر، أو حين قال لأبيه.
{قَالَ لِأَبِيهِ}: أي: عمّه آزر، كلمة العم تطلق على الأب والعم والجد ولا تعني أباه الحقيقي، كما يذكر كثير من المفسرين. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٧٤) لمزيد من البيان.
{يَاأَبَتِ}: ياء النّداء: للبعد.
{يَاأَبَتِ}: ولم يقل: يا أبي، أو يا عمي، أو يا آزر، كلمة أبت: فيها معنى الحنان، والعاطفة، والرّأفة، وقيل: إضافة التّاء: تاء التأنيث تشير إلى حنان الأم؛ إذن كلمة يا أبت: تضم حنان الأبوين معاً، وحين تموت الأم يبقى الأب؛ فيقوم بوظيفة الأب والأم معاً، ويعوض الأب حنان الأم المفقودة؛ فينادى: يا أبت.
وقوله: يا أبت، ولم يقل: يا أبتي: حذف ياء المتكلم؛ لأنّ إبراهيم فقد أباه وأمه، ولم يكن له إلا عمّه؛ فناداه كالأب.
وقوله: يا أبت: فيها معنى التّوسل، والاستعطاف؛ للكف عن عبادة الأصنام.
{لِمَ}: لمَ: استفهام إنكاري، وحذفت الألف في لما؛ لدخول حرف الجر (اللام) عليها.
{تَعْبُدُ}: تطيع، وتدعو، أو تتقرب إلى هذه الأصنام. ولمعرفة معنى العبادة ارجع إلى سورة النحل آية (٧٣)، والأنبياء آية (١٠٦).
{مَا لَا}: ما: لغير العاقل، ولا: النّافية.
{يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ}: لأنّها أصنام، أو حجارة؛ فهي حقيقة لا تسمع، ولا تبصر، ولا تغني شيئاً.
{وَلَا يُغْنِى عَنْكَ شَيْـئًا}: أي: لا فائدة منها، وليس لك فيها حاجة؛ فهي لا تدفع ضراً، ولا تجلب نفعاً؛ لا تفيدك إن عبدتها، ولا تضرك إن لم تعبدها.
{شَيْـئًا}: جاءت بصيغة النّكرة؛ لتشمل كلّ شيء صغيراً، أو كبيراً، من نفع، أو ضر، وتكرار "لا" ثلاث مرات: يفيد التّوكيد، ويفيد فصل كلّ صفة عن الأخرى: السّمع، والبصر، والفائدة.