سورة البقرة ٢: ٢٣٥
{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}:
{وَلَا}: الواو: عاطفة، لا: نافية للجنس.
{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}: لا إثم عليكم، ولا جناح عليكم: جملة اسمية تدل على الثبوت، وهي أقوى من الجملة الفعلية ليس عليكم جناح؛ لأنها تدل على التجدُّد، والتكرار، ولم يقل: وليس عليكم جناح؛ ارجع إلى الآية (١٥٨) من نفس السورة للبيان.
{فِيمَا}: في: ظرفية زمانية ومكانية، ما: اسم موصول، أو حرف مصدري.
{عَرَّضْتُم}: التعريض في خطبة المعتدة المتوفَّى زوجها.
أي: المرأة لا زالت في عدتها (٤ أشهر وعشراً) بعد أن توفِّي زوجها عنها.
ما يباح هنا التعريض؛ أي: التلويح من دون تصريح.
كأن يقول: أنا أبحث عن زوجة، أنا رجل أعزب، أنا لا أحب الوحدة، وأحب أنّ أتزوج، هل تعلمين من يصلح لي، مهنتي كذا، وكذا.
{مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}: خِطبة بكسر الخاء، وأصل الكلمة مشتقة من الخطب، والخطب هو الأمر العظيم، والخطبة أمر عظيم؛ لأنها ستؤدي إلى عقد الزواج (الميثاق الغليظ).
{أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى أَنفُسِكُمْ}: أي: لا إثم عليكم فيما أكننتم في أنفسكم، الإكنان: الإضمار في النفس من الرغبة في الزواج بها، أو العزم على إتمام عقد النكاح بعد انقضاء عدتها.
{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ}: للتوكيد، {سَتَذْكُرُونَهُنَّ}: أي: علم أنكم لا محالة ستبقون تتكلمون في رغبتكم بالزواج بهن، ولا يجوز إعلان ذلك للملأ حتّى تنتهي العدَّة.
إذن يسمح لكم بالتعريض، ويسمح لكم أن تفكروا بهن وبذكرهن، والذي لا يسمح لكم أن تواعدوهن سراً.
{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا}: السر: لا يعلم به أحداً إلا صاحبه فقط والله سبحانه؛ فالتواعد سراً هذا غير مسموح به، أو تواعدوهن بالزواج، وهي لا زالت في زمن العدَّة، فلا لقاء سري، ولا خلوة بينكما، أو تقولوا لبعضكم بعضاً: هل تتزوجينني بعد انقضاء العدَّة، أو تقول: أنا أحبك، أو تأخذوا منهن وعداً، أو عهداً بالزواج منكم.
أو ينتهي الشيطان بكم إلى أسوأ من ذلك إلى المداعبة، أو التقبيل، وأخيراً الزنى.
{إِلَّا}: أداة استثناء، {أَنْ}: أنّ مصدرية بعد التعليل والتوكيد.
{قَوْلًا مَّعْرُوفًا}: أي: ما شرع لكم، وسمح لكم بالتعريض فقط.
{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}:
{وَلَا}: الواو: عاطفة، لا: ناهية.
{تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ}: العزم: التصميم على تنفيذ الأمر، أو القيام به مع القدرة والقوة على فعل ذلك؛ أي: ولا يسمح لكم بالقيام بعقد النكاح، ولا حتّى بالعزم على القيام به.
{حَتَّى}: حرف غاية نهاية الغاية.
{يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}: أي: تنقضي العدَّة.
والكتاب: المدَّة التي كتبها الله، وهي (٤) أشهر وعشراً.
إذن نفهم مما سبق: أن هناك ثلاث مراحل:
١ - مرحلة التعريض.
٢ - مرحلة العزم.
٣ - مرحلة العقد.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}:
{وَاعْلَمُوا}: علم اليقين.
{أَنَّ اللَّهَ}: للتوكيد، {يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ}: من العزم، والحب، وعدم الصبر.
{فَاحْذَرُوهُ}: أي: احذروا القيام بأي شيء يخالف شرع الله.
{وَاعْلَمُوا}: التكرار: للتوكيد، والتحذير، واعلموا أنّ الله يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.
{أَنَّ اللَّهَ}: للتوكيد، {غَفُورٌ}: لمن يحذره، ويخافه، ويتقيه.
{حَلِيمٌ}: لأنه يمهل، ويؤخر العقوبة؛ لكي تتوبوا، ويغفر لكم. ارجع إلى الآية (٢٢٥) من سورة البقرة.