سورة البقرة ٢: ٢٣٨
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}:
المناسبة: في خضم آيات الطلاق، وسياقها تأتي آية حافظوا على الصلوات، والصّلاة الوسطى؛ لتذكرنا أنّ نلجأ إلى الصّلاة في أيام وساعات الطلاق، والفراق الصعبة، فالصّلاة تبعث على الاطمئنان، وعدم الظّلم، والجور، وتحث على الصبر، والعفو، وعدم اليأس، وتهدئ القلوب المتأججة.
كما رأينا آية الدّعاء، آية (١٨٦) من سورة البقرة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى} تشق آيات الصّيام لتذكرنا بأهمية الدّعاء أثناء الصّيام، وفي أيام رمضان، فسبحان الّذي نزل الذكر.
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}: حافظوا من الحفظ، والحفظ: هو عدم النسيان، والمحافظة على الصلوات؛ تعني: المداومة عليها، وعدم تضييعها، والتمسك بها في أوقاتها، وسننها، وأركانها، وخشوعها.
{وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}: للدلالة على أهميتها، ومكانتها، فهذا يطلق عليه ذكر الخاص (وهو الصّلاة الوسطى) بعد ذكر العام (الصلوات)، ويسمى عطف الخاص على العام، وله قيمة بلاغية؛ للتأكيد على أهمية الصّلاة الوسطى.
والصّلاة الوسطى لم يحدِّدها سبحانه، والوسطى: هي من الوسط، وهو العدل، والخيار؛ أي: الفضلى، والله سبحانه أخفى الصّلاة الوسطى، كما أخفى ليلة القدر، وساعة الاستجابة يوم الجمعة، كما أخفى اسمه الأعظم؛ ليكون العبد على اتصال دائم مع ربه، وذهب كثير من المفسرين، والفقهاء إلى أنها صلاة العصر؛ لأنها تقع بين صلاة الفجر، وصلاة الظهر من طرف، وصلاة المغرب والعشاء من طرف آخر.
وهناك من قال: إنها صلاة الظهر؛ لأنها تقع في وسط النهار، أو صلاة المغرب؛ لأنها تقع بين الليل والنهار، أو صلاة الفجر.
وقد تنتقل الصّلاة الوسطى من العصر إلى الظهر إلى الفجر، كما تنتقل ليلة القدر من (٢١) إلى (٢٣) إلى (٢٥) إلى (٢٧).
{وَقُومُوا لِلَّهِ}: قفوا على أرجلكم للصلاة.
{قَانِتِينَ}: جمع قانت، والقنوت: هو الطاعة؛ طاعة أوامر ونواهي الله تعالى، والاستقامة عليها؛ أي: الدوام على طاعة الله. وقيل: طول القيام في الصلاة، وقيل: الخشوع والسكوت، وقيل: الدعاء، والصلاة والقنوت في الشرع الدعاء في صلاة معينة مثل الوتر، أو بصفة معينة، أو الركعة الأخيرة.