سورة الأنبياء ٢١: ٤٤
{بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}:
{بَلْ}: للإضراب الانتقالي.
{مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ}: متعنا: من المتاع متاح الحياة الدّنيا من المأكل والمشرب والملبس والمسكن ورفاهية العيش بنعم الدّنيا والبسط في الرّزق لهم ولآبائهم، هؤلاء: الهاء للتنبيه، أولاء اسم إشارة يشير إلى أهل مكة وغيرهم من القرون.
{حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ}: حتّى حرف نهاية الغاية، طال عليهم العمر حتّى طالت أعمارهم فاغتروا بذلك النّعيم وطول الأجل، وظنوا أنّ آلهتهم الّتي فعلت ذلك وحفظتهم.
{أَفَلَا}: الهمزة همزة استفهام توبيخي.
{يَرَوْنَ}: الرّؤية هنا رؤية بصرية ورؤية قلبية.
{أَنَّا نَأْتِى الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}: هناك كثير من التّفسيرات القديمة لهذه الآية مثل موت العلماء أو نقص أرض المسلمين لأعدائهم أو نقص الأرض بعوامل التعرية أو البحار تطغى على اليابسة أو دوران الأرض حول محورها وكون قطر الأرض الاستوائي أطول من قطر الأرض القطبي وغيرها من التفسيرات.
والتّفسير العلمي الأقرب للحقيقة في هذا الزّمن أن الأرض مرتبطة بالشمس بقانون الجاذبية أو عامل الجاذبية، والّذي يقدر بضرب الكتلتين والتقسيم على مربع المسافة بينهما، فحتى تبقى الأرض ثابتة في مدارها والمسافة بين الأرض والشّمس ثابتة، وبما أن الشّمس تفقد من كتلتها ما يعادل ٤. ٦ مليون طن بالثانية من المادة والطاقة.
فلا بُدَّ للأرض أن تفقد ما يعادل
ذلك حتّى تبقى النسبة متوازية بينهما وتبقى العلاقة بينهما ثابتة فالأرض تفقد عن طريق البراكين الفوهات البركانية كمية هائلة من الغازات والرماد البركاني الّذي لا يعود إلى الأرض.
فهذا ما يفسر لنا أن الأرض تنقص من أطرافها (من جميع أطرافها، وليس من طرف واحد كما يفسره جمع من المفسرين) وقد ثبت علمياً أن أرضنا الابتدائية كانت ١٠٠ ضعف حجم الأرض الحالية. ارجع إلى سورة الرعد آية (٤١) لمزيد من البيان.
{أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}: الهمزة همزة استفهام للتقرير والتّوبيخ؛ أي: أفهم القادرون على منع البراكين والزلازل من الحدوث، وبالتالي تغير المسافة بين الأرض والشمس، أو تغير النسبة التي جعلها الله ثابتة لاستمرار الحياة على الأرض، فالله هو الغالب وهو القوي العزيز.