سورة المؤمنون ٢٣: ٧٥
{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}:
{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ}: قيل: معطوفة على حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب.
وسبب نزول هذه الآية: كما قال ابن عبّاس: الضّر وهو الجوع والفقر الّذي نزل بأهل مكة حين دعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال -صلى الله عليه وسلم-: اللهم أعني على قريش بسنين كسني يوسف. رواه الواحدي في أسباب النّزول (١٧٩) وأصله في الصّحيحين أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا على قريش حين استعصوا فقال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأصابهم ذلك، فشكوا إليه الضّر، وأنّهم قد أكلوا القد والعظام، فنزلت هذه الآية والّتي بعدها، والعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السّبب.
ولو رحمناهم: لو شرطية، رحمناهم: أيْ: أهل مكة وغيرهم، والرحمة تعريفها: جلب ما يَسرُّ ودفع ما يَضرُّ.
{وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ}: كشفنا: رفعنا عنهم البلاء، من ضُرٍّ: والضُّر: اسم جامع لكل ما يسوء الإنسان في نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله. من: ابتدائية، ضُرٍّ: نكرة تشمل الجوع والفقر والخوف، والمرض، وما أصابهم نتيجة القحط والجدب. ارجع إلى سورة يونس آية (١٢) لمزيد من البيان.
{لَلَجُّوا}: اللام للتعليل، للجوا: من اللجاج وهو التّمادي في فعل المزجور عنه، مشتقة من لُجَّة البحر، أيْ: تردُّد أمواجه وعودتها إلى الاصطدام بالشاطئ أو بالصخر المرة بعد الأخرى بلا انقطاع، ولجَّ في الأمر: واظبه ولازمه.
{فِى طُغْيَانِهِمْ}: في مجاوزتهم الحد في الكفر والشّرك أو الضّلال.
{يَعْمَهُونَ}: من العمى وهو عمى البصيرة المؤدِّي إلى التّردُّد في الأمر والحيرة وعدم الاهتداء إلى الرّشد والصّواب والاستمرار في ذلك.