سورة النور ٢٤: ٥٤
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}:
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}: قل لهم يا محمّد: أطيعوا الله فيما أمر به ونهى عنه وما أنزل لكم في الكتاب، وأطيعوا الرّسول فيما أمر به ونهى عنه وما فصّل لكم من الأحكام والشّرائع.
والطاعة تعني: الانقياد لما يطلبه الشارع (وهو الله عزّ وجلّ) وكذلك الرّسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر: ٧. وقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} النساء: ٨٠.
وفي سورة آل عمران آية (٣٢) قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} بدلاً من {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} لمعرفة الفرق ارجع إلى سورة النّساء آية (٥٩) وآل عمران آية (٣٢). ولنعلم أن طاعة الله وطاعة الرسول طاعة واحدة، وأن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما بين لنا من الأحكام المجملة.
{فَإِنْ}: الفاء للتعليل، إن: شرطية تستعمل للأمور المحتملة الوقوع مثل التولّي.
{تَوَلَّوْا}: أعرضوا ورفضوا وابتعدوا عن طاعة الله وطاعة الرّسول.
وتولَّوا: أصلها: تتولوا، حذفت إحدى التاءين؛ أي: يجوز في الفعل تولوا أن يكون ماضياً وأن يكون مضارعاً، والفرق بين تولّوا وتتولّوا، تولّوا تستعمل للتولّي القليل، وتتولّوا للتولّي الكثير أو الشديد مثل تولّي المؤمنين يكون قليلاً يستعمل تولّوا، وفي سياق تولّي الكافرين أو المنافقين يستعمل تتولّوا.
{فَإِنَّمَا}: كافة مكفوفة، تفيد التّوكيد.
{عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ}: من أعباء الدّعوة والتّبليغ، وعلى: تفيد العلو والمشقة.
{وَعَلَيْكُم مَا حُمِّلْتُمْ} من وزر التولّي والإعراض وعدم الطاعة، ولا يضره تولّيكم.
{مَا}: اسم موصول بمعنى الّذي أو مصدرية، وأوسع شمولاً من الذي.
{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}: إن شرطية، تطيعوه: جاء بصيغة المفرد ولم يقل وإن تطيعوهما؛ لأنّ طاعتهما واحدة؛ لقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} النّساء: ٨٠، تهتدوا: إلى الحق وتهتدوا إلى الصّراط المستقيم الموصل إلى الغاية العظمى.
{وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}: ما النّافية، على: تفيد العلوّ والمشقة، إلا: تفيد الحصر، البلاغ: من التّبليغ؛ أي: إيصال ما نُزّل إليه من ربكم إليكم، المبين: أي إلى كلّ فرد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبشكل كامل دون نقص؛ أي: إبلاغكم الرّسالة كاملة.