سورة النور ٢٤: ٦٣
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:
هذا هو الأدب الثاني بعد أدب الاستئذان بالخروج؛ وهو: أدب النّداء أو دعاء الرّسول -صلى الله عليه وسلم-.
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا}: لا النّاهية، (تجعلوا دعاء الرّسول): لا تنادوا على رسول الله كنداء بعضكم بعضاً، بأن تقولوا: يا محمّد، يا ابن عبد الله، يا أبا قاسم! ولكن نادوه بتوقير واحترام وتواضع وخفض الصّوت، حتّى ولو بعد وفاته وحين تذكرون اسمه بالقول: يا أيها الرّسول، يا أيها النّبي، يا نبي الله، يا رسول الله.
{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا}: قد للتحقيق والتّوكيد، يتسللون: من التّسلل هو: الخروج في خفية كما كان يفعل المنافقون حين يخرجون من مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو المجلس أو الدرس أو المشاورة؛ يتسللون: من تسلل؛ أي: تكلف أو فعل جهده في الانسلال كي لا يراه أو يشعر به أحد؛ منكم: خاصة من المسلمين، لِواذاً: أي: يستتر بشيء ما مثل حائط أو غيره مخافة أن يُرى، أو يلوذ شخص بشخص آخر.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:
{فَلْيَحْذَرِ}: الفاء للتوكيد، (ليحذر) اللام للتوكيد، يحذر من الحذر هو توقّي الضّرر سواء كان الضّرر متيّقن الحدوث أو ظناً.
{الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}: أمره سواء كان أمر الله تعالى أو أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فالأمر واحد، (يخالفون) من المخالفة: تعني اتخاذ أو سلوك طريق مخالف لما أمر الله به أو رسوله، أو الإعراض أو الرّفض أو العصيان، عن: تفيد المجاوزة والابتعاد، أمره: من الأمر، بـ: افعل ولا تفعل.
{أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}: أن: للتعليل والتّوكيد، تصيبهم فتنة: زيغٌ أو ضلالة أو كفر، أو بلاء ومحنة كالجوع والفقر والمرض.
{أَوْ}: للتقسيم أو المساواة أو التّخيير.
{يُصِيبَهُمْ}: تكرار الإصابة للتوكيد.
{عَذَابٌ أَلِيمٌ}: مثل القتل أو الجوع، أو المرض أو الشّدّة وغيرها في الدّنيا، أو عذاب أليم في الآخرة، أليم لا يطاق، أو لا يستطيع أن يتحمله بشر.