سورة الفرقان ٢٥: ٥٧
{قُلْ مَا أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}:
{قُلْ}: لهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-.
{مَا}: النافية.
{أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ}: على التبليغ والإنذار والدعوة إلى الله والقرآن والإيمان.
{مِنْ أَجْرٍ}: من: للتوكيد واستغراقية؛ أيِّ أجر مهما كان نوعه ومقداره مال أو غير المال. ولم يقل: من مال؛ لأن الأجر أعم من المال، والأجر يعني: الثواب. ولنقارن هذه الآية مع قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} الأنعام: ٩٠ نجد أن آية الفرقان أشد توكيداً للنفي على أخذ الأجر من آية الأنعام. ارجع إلى سورة الأنعام آية (٩٠) لمزيد من البيان.
ولم يسأل أيُّ رسول قومَه الأجر أو المال على الدعوة إلى الله وتبليغ الرسالة، والكل قال: {إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} الشعراء: ١٠٩.
والأجر لا يمكن أن يقدِّره إلا الله سبحانه وحده.
وأبعد من ذلك لم يقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصدقة.
{إِلَّا مَنْ}: إلا: أداة حصر، من: ابتدائية استغراقية.
{شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}: شاء أن: للتوكيد والتعليل؛ أيْ: من أراد أن يتقرَّب إلى الله بالإنفاق في سبيله بالتطوع والعمل الصّالح ومساعدة الآخرين وغيره فليفعل ولا أمنعه.
ولنقارن هذه الآية: {قُلْ مَا أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} مع الآية (٩٠) من سورة الأنعام: {قُلْ لَا أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}.
قوله تعالى: من أجر أوكد وأقوى من قوله: عليه أجراً؛ لوجود (من) الّتي تدل على الاستغراق والتوكيد.
ويستعمل (من) في سياق الدعوة والتبليغ، كما في آية الفرقان (٥٧) بينما آية الأنعام لم تكن في سياق الدعوة والتبليغ، وإنما جاءت في سياق تعداد النعم على الرّسل.
ما: كثيراً ما تنفي الحال والاستمرار والاستقبال وفيها توكيد مقارنة بـ لا: تنفي كلّ الأزمنة فهي مطلقة.