سورة آل عمران ٣: ٨
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}:
{رَبَّنَا}: منادى محذوف منه ياء النداء، وهي الياء التي تفيد البعد، ولم يقولوا: يا ربنا؛ لأن الرب قريب جداً، ولا يحتاج إلى ياء النداء، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد بعلمه سبحانه وتعالى.
{لَا}: الناهية، وحاشا الله أن يُنهى.
{تُزِغْ قُلُوبَنَا}: تزغ من الزيغ، وهو الميل عن الحق (ارجع إلى الآية: ٧)، والفرق بين الميل والزيغ: أن الميل عام في الحق والباطل، والمحبوب والمكروه، أما الزيغ: خاص بالحق.
{بَعْدَ}: ظرف زمان.
{إِذْ}: ظرف زمان، بمعنى حين، وللتعليل.
{هَدَيْتَنَا}: أرشدتنا لدينك، وهديتنا للإسلام الحق.
ثم ذكر تتمة دعاء هؤلاء الراسخين في العلم:
{وَهَبْ}: من الهبة: والهبة: كل عطاء بلا مقابل، ومقتضى التمليك فيه تمليك؛ (أي: إذا وهبته ملكته)، وكل عطاء من الله هبة، والهبة عطاء من وراء الأسباب، وعطاء ليس حقاً للعبد، والهبة: قد تكون هبة في العطاء، أو هبة في المنع.
{لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً}: فيها تقديم من لدنك على رحمة بدلاً من قوله: رحمة من لدنك، فيها تقديم لذات الله على الرحمة.
{رَحْمَةً}: نكرة تشمل كل رحمة مثل الغنى والصحة.
ولم يقل: منك، فمن لدنك خاصة بالمؤمنين فقط، أما لو قال: رحمة منك فهي رحمة عامة تشمل المؤمن والكافر.
{إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}: إنك: للتوكيد، أنت: ضمير فصل يفيد زيادة التوكيد، الوهاب: المنعم على العباد، والذي يهب بلا عوض، ولا حساب، واهب النعم الظاهرة والباطنة، وكثير النعم، دائم العطاء، شمل بره وكرمه سائر مخلوقاته.
الوهاب: صفة مشتقة فيها مبالغة لاسم الفاعل من فعل وهب.