سورة النمل ٢٧: ٨
{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِىَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِى النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}:
{فَلَمَّا}: الفاء للترتيب والتّعقيب، لما ظرفية زمانية بمعنى حين.
{جَاءَهَا}: أي: وصل إليها بمشقة وصعوبة جاء فيها معنى المجيء بمشقة وصعوبة بعكس أتاها: فيها معنى المجيء بسهولة، ومعنى آخر هو أتى تعني هو في طريقه ولم يصل بعد مقارنة بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا} القصص: ٣٠.
{نُودِىَ}: النّداء خطاب مباشر.
{أَنْ}: للتوكيد والتّعليل.
{بُورِكَ مَنْ فِى النَّارِ}: بورك أصلها بارك أو تبارك أبدلت الألف واو لسكونها وتحرك ما قبلها، وكما روي عن ابن عباس في قوله: بورك؛ يعني: تبارك وتعالى من في النار؛ النار: قيل ليست ناراً وإنما نوراً، وقيل: نورَ رب العالمين وقالوا: من في النّار: من ابتدائية، وفي ظرفية، النّار أي: تبارك موسى -عليه السلام- من في النار وهو الأعم، وقد تشمل أيضاً كلّ شيء وقع عليه نور الله الشّجرة والطّور والوادي حتّى العصا الّتي في يد موسى والبقعة المباركة الّتي ذكرها في سورة القصص. وقيل: أيضاً الملائكة.
وإذا قيل: إنّ النّار هي حقيقة نار فهي نار لا تحرق؛ لأنّه سبحانه وتعالى نزع منها خاصية الإحراق، وأبقى لها خاصية الإضاءة؛ لأنّه سبحانه على كلّ شيء قدير، فسواء كان ذلك نوراً، أو ناراً فهو يدل على عظمة الله سبحانه وقدرته، ولذلك أعقبها بالقول: وسبحان الله ربِّ العالمين.
{وَمَنْ حَوْلَهَا}: أي: الملائكة الكرام، وبعضهم قال موسى -عليه السلام- الذي كان من حولها.
{وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: تنزَّه الله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله عن كلّ عيب ونقص وما لا يليق بجلاله وكماله. ارجع إلى سورة الحديد الآية (١) لمزيد من البيان، رب العالمين: الخالق والمربي والمدبر، العالمين: الملائكة والجن والإنس ورب السّموات والأرض وما بينهما ورب كلّ شيء.