سورة النمل ٢٧: ١٤
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}:
{وَجَحَدُوا بِهَا}: هناك فرق بين الجحود والإنكار. الجحود هو إنكار الشّيء الظّاهر والآيات التّسع أشياء ظاهرة للعيان، والإنكار يشمل إنكار الشّيء الظّاهر والشّيء الخفي مثل إنكار النّعمة والإنكار قد يرافقه علم أو غير علم.
{وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ}: الواو حالية (تفيد التّوكيد)، والاستيقان فيه مبالغة في اليقين أيْ: هم علموها (علم اليقين) ورأوها بأمّ أعينهم (عين اليقين) وأيقنوها بقلوبهم وضمائرهم أنّها جاءت من عند الله أو من صنع الله سبحانه وتدل على صدق دعوة موسى، ومع ذلك لم يؤمنوا وأعرضوا عنها ظلماً وعلواً.
وتشير الدراسات الحديثة على الجاحدين بالله حين يُسألون عن الله أو الرّب أن أجوبتهم بألسنتهم لا توافق أو تكون مغايرة وتخالف ما تكن صدورهم من الحق أو الصّدق، وتم رصد ذلك باستعمال أجهزة خاصة لكشف الكذب المستعملة في كشف الحقائق والصدق في حالات القتل والحالات الجنائية.
{ظُلْمًا}: شركاً بسبب شركهم، وعلواً: تكبراً بسبب تكبرهم بغير حق وقولهم أنّها سحر مبين. والعلو: الشعور بالاقتدار والفوقية والغرور بالقوة.
{فَانظُرْ كَيْفَ}: فانظر يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وانظر أيها القارئ نظرة فكرية قلبية، أيْ: نظرة بصيرة والفاء للتوكيد، كيف: استفهام غرضه التّحذير والتّعجب.
{كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}: كيف كان مصيرهم الغرق والتّدمير (ما كان يصنع فرعون وما كانوا يعرشون).
قال تعالى: كان عاقبة، ولم يقل: كانت عاقبة، كان عاقبةُ؛ تعني: العذاب في كلّ القرآن، كانت عاقبة تعني الجنة والعاقبة الحسنة فالتذكير يدل على العذاب وصيغة التأنيث تدل على الجنة.
وجاءت كلمة عاقبة: نكرة للتهويل والتّعظيم وليتصورها بكل صورها المؤلمة، المفسدين: ارجع إلى الآية (٢٥١) من سورة البقرة للبيان.
ثمّ ينتقل الحق سبحانه من ذكر موسى وفرعون إلى ذكر داود وابنه سليمان.