سورة القصص ٢٨: ٣٢
{اسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}:
هذه آية أخرى إلى فرعون وملئه.
{اسْلُكْ}: أدخل يدك في جيب قميصك (وهو الشّق الّذي يدخل معه الرّأس في الثّوب ليلبس) فتحة القميص العليا، والّتي تكون للرقبة يدخل منها الرّأس، وهكذا كان اللباس القديم. اسلك: أسهل من أدخل، واستعمل سلك؛ لأنه كان يعتري موسى الخوف، ولأنه يريد أن يخفف عنه، فقال: اسلك بدلاً من أدخل التي تدل على الصعوبة.
{تَخْرُجْ بَيْضَاءَ}: بيضاء ناصعة منورة (وموسى أسمر اللون).
{مِنْ}: ابتدائية، غير سوء: من غير مرض مهما كان نوعه حتّى لا يظن النّاس أنّها برص أو مرض أزال الله هذه الفرضية فقال: من غير سوء.
{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}: الجناح جناح الإنسان عضده وساعده، واضمم إليك جناحك (العضد والسّاعد) وهو الجناح إلى صدرك يذهب عنك الخوف وتعود يدك لا نور فيها أي: اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء هذا هو الجزء الأول.
{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ}: (طرفك العلوي) إلى صدرك يختفي الرّعب والخوف وتعود يدك إلى لونها العادي.
ولو قارنا هذه الآية من سورة القصص مع آيات سورة النمل لوجدنا اختلافات أخرى مثل:
في سورة القصص: {اسْلُكْ يَدَكَ} آية: ٣٢، في سورة النمل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ} آية: ١٢. ارجع إلى سورة النمل، وسورة طه لمزيد من البيان والمقارنة.
{فَذَانِكَ}: الفاء للتوكيد، ذانك: اسم إشارة للمثنى والكاف للخطاب إشارة على معجزتي العصا واليد، فذانك تقرأ مخففة مثنى ذاك أو تقرأ مشدَّدة مثنى ذلك.
{بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ}: البرهان: الحُجَّة القاطعة هو أعلى درجات الإثبات، ويتضمن حسن عرض الحُجَّة، برهانان على قدرة الخالق الحق وعلى صدق نبوة موسى.
{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِ}: ولم يقل: إلى فرعون وقومه؛ لأنّ الملأ هم أشراف القوم وسادتهم؛ أي: المحيطون بفرعون هم الملأ وهم أقل دائرة أو أصغر بكثير من دائرة القوم التي هي أوسع؛ أي: أكثر عدداً، فإذا آمنوا هم بموسى أولاً فالقوم أتباع لرؤسائهم، فهم سيؤمنون كذلك ورؤية البرهانين يسهل تنفيذه أمام فرعون وملئه مقارنة بفرعون وقومه.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}: أي: فرعون وملئه كانوا فاسقين خارجين عن طاعة الله تعالى. الفاسقين: جملة اسمية تفيد الثّبوت والاستمرار. ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٦) لبيان معنى الفسق والفاسقين.