سورة القصص ٢٨: ٦٠
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ}:
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ}: ما شرطية، أوتيتم من الإيتاء وهو العطاء من دون تملك. ارجع إلى الآية (٢٥١) من سورة البقرة للبيان والفرق بين الإيتاء والعطاء، من: استغراقية تشمل كلّ شيء، وشيء نكرة يشمل المال والأولاد والزّينة والزّخارف والأنعام والخيل المسومة والمركبات والحدائق والدّور والقصور.
{فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: متاع: تعريفه كلّ ما ينتفع به ويرغب في اقتنائه، ويتمتع به من أثاث البيت والسّلعة والأداة وهو متاع زائل.
{وَزِينَتُهَا}: الزّينة تشمل المال والذّهب والحلي والفضة والزّينة الشّيء الزّائد عن الضّروريات، أيْ: إنّ الدّنيا وما فيها متاع وزينة كلّ ذلك زائل وفانٍ أو مجرَّد متاع وزينة مؤقتة وزائلة كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ} الحديد: ٢٠.
{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}: ما: اسم موصول تستعمل للشيء غير محدد من الرضوان ورؤية وجهه الكريم، وما عنده من جنات النعيم وما فيها من الطّعام والشّراب والفاكهة والزّينة والقصور والحدائق (من نعيم الجنة)، خير وأبقى: أفضل ودائم لا ينقطع ولا ينفد ولا يزول ولا يقل.
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}: الهمزة: همزة استفهام إنكاري وتوبيخ على عدم التّعقل وتعجب من ترك التّفكير، ألا: أداة تحمل معنى التّنبيه والحضِّ وبمعنى الأمر أي: اعقلوا، والفاء في أفلا: للتوكيد، تعقلون: لأنّ الإنسان إذا فكر وعقل وتذكر وتدبَّر فسوف يصل إلى الحقيقة، ومن عقل الشّيء عرفه بدليله ومنهجه بأسبابه ونتائجه، أفلا تعقلون تفهمون وتدركون أنّ ما عند الله خير فاسعوا إليه قبل فوات الأوان.
لنقارن هذه الآية (٦٠) من سورة القصص مع الآية (٣٦) من سورة الشّورى، وهي قوله تعالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}:
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ}: استعمل الواو استئنافية.
{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ}: الفاء في سورة الشّورى تفيد التّعقيب.
في القصص: ذكر ثلاثة أمور بطرت معيشتها وزينتها، ثمّ ذكر زينة قارون {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ} وانتهت الآية {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} لأنّ الآية في سياق قوم فرعون وقارون وأمثالهم.
في الشّورى: لم يذكر الزّينة على الإطلاق، لأنّ الآية في سياق الّذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، فهؤلاء ليس غايتهم زينة الحياة الدّنيا.