سورة آل عمران ٣: ٥٥
{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}:
{إِذْ}؛ أي: اذكر إذ: ظرف زمان؛ أي: اذكر إذ قال، أو حين قال.
{قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى}: حين ينادي الأعلى الأدنى باسمه المجرد: يا عيسى (ولم يقل: يا عيسى ابن مريم) هذا النداء فيه نوع من التحبب، والقربى، وحين يكون النداء من الأدنى إلى الأعلى باسمه المجرد يعتبر غير لائق.
{إِنِّى مُتَوَفِّيكَ}: إني: للتأكيد.
متوفيك: من الوفاة، والوفاة لها معانٍ متعددة.
١ - منها المرحلة التي تسبق الموت، وقبض الروح، الموت: كقوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ} السجدة: ١١.
٢ - ومنها النوم: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا} الزمر: ٤٢؛ أي: منيمك ورافعك إليِّ.
٣ - ومنها أخذ الشيء وافياً؛ أي: قبضه، أو مثل استوفى دينه؛ أي: استرد دينه وافياً؛ أي: مستردك يا عيسى ورافعك إلي وافياً تاماً من غير أن ينال منك عدوك شيئاً.
{وَرَافِعُكَ إِلَىَّ}: الرفع الصعود، أو العروج، والواو: تدل على الترتيب، فالوفاة أولاً، والرفع ثانياً، وإذا كانت لا تدل على الترتيب ربما حدث الرفع أولاً، ثم الوفاة ثانياً.
{وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: مُبعدك، ومبرئك من أقوال وأفعال الذين كفروا.
{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}: اتبعوك: تشمل كل من صدق بك وبرسالتك، اتبعوا المنهج الحق.
فوق الذين كفروا: الفوقية هنا بالحجة، والبرهان، أو القوة والغلبة إلى أن يأتي يوم القيامة. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٦)؛ لبيان معنى الذين كفروا.
{ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}: ثم: للتريث والتراخي، إليَّ مرجعكم يوم القيامة فأحكم بينكم في أمر عيسى -عليه السلام- ، أو فيما اختلفتم فيه من الأحكام في دنياكم، ومن هو على الحق، ومن هو على الباطل.
فأحكم بينكم وما هو الحكم؟
أخبر عنه في الآيتين القادمتين (٥٦، ٥٧).