سورة الأحزاب ٣٣: ٣٢
{يَانِسَاءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}:
نداء ثانٍ مباشر إلى نساء النّبي -صلى الله عليه وسلم- من الله سبحانه، وكان النّداء الأوّل في الآية (٣٠) للدلالة على أهمية الخبر أو الأمر المذكور في الآية: النّداء الأوّل بالتّحذير من الإيتاء بفاحشة مبينة والنّداء الثّاني بالتّحذير من عدم الخضوع بالقول.
{يَانِسَاءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ}: ليس النّافية.
{كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}: الكاف كاف التّشبيه، أحد من النّساء: الأحد تشمل الواحدة والاثنتين والجمع، أيْ: لستنَّ كأيِّ امرأة من النّساء قاطبة.
ولم يقل: واحدة من النّساء: أيْ: لا مثيل لها، لماذا لستنَّ كأحد من النّساء؟
أولاً: بحكم أنتنَّ أزواج النّبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً: بحكم أنتنَّ أمّهات المؤمنين.
فأنتنَّ قدوة لغيركنَّ من النّساء فهذه ميزة خاصة.
{إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}: إن شرطية، أيْ: ليست التّقوى بكونكنَّ نساء النّبي وأمّهات المؤمنين، وإنما التّقوى هي امتثال وطاعة أوامر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتجنُّب نواهي الله تعالى ورسوله، أي: استقمن على التّقوى فلا تخضعن بالقول.
{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}: الفاء للتوكيد، لا النّاهية، والخضوع بالقول؛ أي: الانقياد والإذعان، وفيه معنى الاستجداء، والخضوع: يكون في البدن، والخشوع: يكون بالصوت والبصر؛ أيْ: لا تخاطبن الرّجال بليونة أو ميوعة أو نبرات غير طبيعية في الكلام من ترخيم وغيره، ولا يعني ذلك التكلُّم بخشونة وغلظة أيضاً.
{فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ}: مرض الرّيبة والفجور والفسق والنّفاق وضعف الإيمان والظن والخبال.
{وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}: معروفاً ما تعارف عليه النّاس من القول ليس فيه شبهة أو فتنة بعيداً عن الرّيبة والأطماع.