سورة الأحزاب ٣٣: ٣٣
{وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}:
{وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ}: أقمن أو ألزمن بيوتكنَّ من القرار، وهو السّكون لا تكثرن الخروج منها.
{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}: لا النّاهية، تبرجن: من التّبرج ويعني: إبداء المرأة للرجل الغريب مفاتن جسمها ومحاسنها مثل إظهار العنق والشّعر والسّاقين والصّدر؛ مما يثير الشّهوة أو الفتنة، والتّبرج مشتقة من البرج وهو الحصن، وكما قال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} الحجر: ١٦، وبرج المرأة: هو بيتها، وسمي البيت برجاً، وتعني: الخروج من الحصن حصن العفة والزوجية وإبداء الزّينة كما كنَّ يفعلن النّساء في الجاهلية الأولى: جاهلية الكفر ما قبل الإسلام، أو ما قبل القرآن؛ فقد روى ابن عباس وجرير: أن الجاهلية الأولى: هي التي تمتد في الفترة بين عيسى -عليه السلام- ، ومحمد m، وجاهلية العصر الحديث تنطوي على الجاهلية الأولى وزيادة، وهناك من قال: إنّ الجاهلية الأولى هي التي ولد فيها إبراهيم -عليه السلام- ، والجاهلية الآخرة الت يولد فيها محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ}: إقامة الصّلاة؛ لأنّها أهم العبادات على الإطلاق وإقامتها تعني لأوقاتها وبجميع شروطها وأركانها وسننها والدّوام عليها.
{وَآتِينَ الزَّكَاةَ}: وتعني زكاتها غير زكاة زوجها فهي مكلفة بإيتاء زكاة أموالها الخاصة الّتي ورثتها مثلاً وكسبتها في تجارة أو عقار أو زكاة الحُلي والذَّهب.
{وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: في كلّ ما أمر به ونهى عنه.
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ}: إنما كافة مكفوفة تفيد التّوكيد بما أمركنَّ ونهاكنَّ عنه من التّقوى والصّلاة والزّكاة وطاعة الله ورسوله أن يذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيراً.
{لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}: اللام للتعليل، يذهب: يبعد أو يجنبكم الوقوع في الرّجس، الرّجس: بالسّين يعني كلّ ما هو مستقذر تعافه النّفوس، وتعني الذّنوب بشكل عام والشّيطان والمعاصي والآثام والذّنوب والشّرك من الأمور المعنوية والخمر والميسر والأنصاب والأزلام والميتة والدّم المسفوح ولحم الخنزير من الأمور الحسية، أمّا الرّجز: فهو العذاب، عنكم ولم يقل: عنكنَّ. عنكم تشمل: الذّكور والإناث، أيْ: تشمل عنكنَّ، ولم يقل عنكن: مراعاة لشعور أزواج النّبي -صلى الله عليه وسلم- وحيائهنَّ.
{أَهْلَ الْبَيْتِ}: أيْ: نساء النّبي كلّهنَّ من أهل البيت وذريته، وتطلق أهل البيت عادة على الزّوجة والأولاد، وقال آخرون: تطلق أيضاً على عشيرة الرّجل؛ أي: ذريته من نسل عبد المطلب (بنو هاشم).
{وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}: ولم يقل: يطهركنَّ تطهيراً: أيْ: تطهيراً كاملاً من الذّنوب، والمجيء بصيغة التّذكير يشمل الذّكور والإناث.