سورة الأحزاب ٣٣: ٧٢
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}:
{إِنَّا}: للتعظيم تعود على الله سبحانه واجب الوجود.
{عَرَضْنَا}: من العرض يقال: عرضت على فلان الأمر يعني أطلعته عليه لأرى فيه رأيه يقبل أو لا يقبل والعرض يعني فيه تخيير لا إلزام، فله أن يطيع أو أن يعصي يؤمن أو يكفر.
{الْأَمَانَةَ}:
١ - أمانة الاختيار، وقيل: هي الفرائض الصّلاة والزّكاة وصيام رمضان وحج البيت والعدل في الميزان والمكيال.
٢ - أو سائر التّكاليف الشّرعية والّتي تضم افعل ولا تفعل؛ أي: الفرائض والإخلاص في العبادة والالتزام بشعائر الدين وسنته وصدق الحديث وقضاء الدين والعدل في الميزان والمكيال، وقيل أيضاً: غسل الجنابة وحفظ الفرج والإذن والعين واليد والوفاء بالعهود، وتشمل كلَّ ما ائتُمن عليه من مال أو وديعة أو غيرها مثل قضاء الدَّين، وقيل: الأمانة الطّاعة طاعة أوامر الله وتجنُّب نواهيه.
{عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ}: على الأجرام العظيمة كالسّموات والأرض والجبال فلا تظن السّموات والأرض والجبال جمادات أو أشياء خلقت عبثاً، بل هي تسبح بحمد ربها وتصلي وتسجد لخالقها.
{فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا}: امتنعت أن تقبل تحمل الأمانة وخافت منها (أن لا تؤدِّيها) واختارت أن تكون مسخَّرة لمشيئة الله وإرادته.
{وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ}: أيْ: بعد أن خير السّموات والأرض والجبال خير الله آدم فاختار أن يحملها وقبل آدم أبو البشر على حملها على الرغم من ضعف قوته مقارنة بتلك الأجرام العظام.
{إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}: إنه: للتوكيد، كان ظلوماً: لنفسه لأنّه حَملَ نفسه شيئاً لم يعرف عواقبه (الأمانة) ولم يَفِ بها أو غدر بالعهد ونكث أو لم يلتزم بها، ولم يحملها كما أُمر، جهولاً: بما ستصنع به الأغيار أو جهولاً لما يرتكبه من الأخطاء أو حملها بسبب جهله، والجهل هو عدم العلم وكلمة (ظلوماً جهولاً) صيغة مبالغة لظلمه وجهله.