سورة سبأ ٣٤: ٣١
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}:
المناسبة: في الآية السّابقة ذكر أنّ ميعادهم واقع لا محالة، وفي هذه الآية يذكر حالهم في ذلك اليوم وما يحدث فيه من الحوار بين الرّؤساء الّذين استكبروا والأتباع الّذين استضعفوا.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: من مشركي قريش قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين وذلك أن المشركين سألوا بعض مؤمني أهل الكتاب عما ذكر بشأن محمّد -صلى الله عليه وسلم- في كتبهم، فلما أخبرهم بما جاء في ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التوراة والإنجيل والبعث والجزاء قالوا عندها:
{لَنْ نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ}: لن: لنفي المستقبل القريب والبعيد، نؤمن بهذا القرآن: أي لن نصدّق بهذا القرآن، ولا النّافية (تكرار النّفي يفيد التّوكيد) بالّذي بين يديه من الكتب السّماوية مثل التّوراة والإنجيل والزّبور؛ أي: جاءت قبله.
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ}: هنا يبدأ بالحديث عن حالهم يوم القيامة، ولو ترى: لو شرطية تحتاج إلى جواب والجواب محذوف؛ للتهويل والتّنكير لما يصيبهم في ذلك اليوم من الخزي والهوان والمِراء واللوم والعتاب، ولو ترى: في الآخرة، أو حين ينتظرون الفصل والحساب أو في النّار، إذ: ظرفية للزمن المستقبل، الظّالمون: المشركون الكافرون الظّالمون لأنفسهم وغيرهم.
{مَوْقُوفُونَ}: محبوسون جمع موقوف من: وقف.
{عِنْدَ رَبِّهِمْ}: بين يدي الله، ينتظرون حسابهم.
{يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ}: يرجع من المراجعة، والمراجعة تعني كلّ واحد يقول كلاماً والآخر يرد على كلامه وينكره، وتعني المراجعة: كلّ منهم يرمي باللائمة على الآخر، ويتهمه بأنه هو السبب في كل ما يحدث من العذاب.
{يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}: أي الأتباع استضعفوا في الدّنيا. استضعفوا: جمع مستضعف؛ أي: جرده من عناصر قوته، وأذله وعده ضعيفاً، والضعف: بفتح الضاد يكون في الجسم أو الرأي: والعقل أو ضمها ضد القوة (مختار الصحاح)؛ أي: ضعف في الجسم فقط.
{لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}: المتبوعين وهم القادة والرّؤساء والكبراء. استكبروا: طلبوا الكبر وليسوا أهله.
{لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}: لولا: حرف شرط، لكنّا: اللام لام التّعليل أو الاختصاص، مؤمنين: مصدقين بالله والرّسول واليوم الآخر وما أمر به تعالى، مؤمنين: جملة اسمية تدل على الثّبات؛ أي: ذوي إيمان ثابت لا يتغير.
سورة سبأ الآيات ٣٢ -٣٩