سورة يس ٣٦: ٧١
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}:
المناسبة: يتابع الله سبحانه ذكر الآيات الدّالة على قدرته وعظمته ووحدانيته.
{أَوَلَمْ يَرَوْا}: الهمزة للاستفهام، أولم: تستعمل لما هو مشاهدٌ بكثرة، بينما (ألم) تستعمل لما هو مشاهدٌ بقلّة، الواو تدل على الكثرة (عدة أمور) لم: نافية، يروا: رؤية بصرية، أو أولم يتفكروا أو يعلموا. ارجع إلى سورة السجدة آية (٢٦) لمزيد من البيان.
{أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ}: أنّا للتعظيم، خلقنا لهم؛ أي: ابتداءً، ولو قال: أنا جعلنا؛ الجعل: يتم بعد الخلق، وقد لوحظ أنّه في مقام أو سياق التّذكير بقدرة الله تعالى وآياته يستعمل لهم (بصيغة الغائب) بينما في سياق تعداد النعم وسياق الشكر يستعمل لكم (صيغة المخاطب).
لهم: اللام لام الاختصاص والملكية؛ أي: للناس.
{مِمَّا}: من بعضية، ما: اسم موصول بمعنى الّذي، أو مصدرية، وهي أوسع شمولاً من الذي؛ أي: من عمل أيدينا وتشمل الاثنتين؛ أي: من الّذي عملته أيدينا أو من عمل أيدينا.
{عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}: الأنعام ثمانية أزواج من البقر والغنم والإبل والماعز، أيدينا: جمع يد، واليد فيها معنى القوة والقدرة، أنعاماً: ذكر الأنعام هنا خاصة؛ لأنّها أعزّ الأشياء عند العرب لأنّها تستخدم في السّفر والأكل واللبن والزّينة والانتفاع بها والتّجارة، فهي أهم ما يملكون في القديم.
{فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}: الفاء للتوكيد، هم: للتوكيد، لها: تقديم لها للاهتمام بالأنعام، مالكون: اسم فاعل يدل على الثّبوت، ثبوت الملك لهم، ولم يقل فهم لها يملكون، تدل على التّجدد والتّكرار.
وإذا قارنّا هذه الآية من سورة يس: {أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} وقوله في سورة النّحل الآية (٥): {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ}: نجد السّياق في سورة يس سياق تكريم أكثر مقارنة بسورة النّحل الّتي هي تعداد للنعم.