سورة آل عمران ٣: ١٠٦
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}:
{يَوْمَ}: يوم القيامة.
{تَبْيَضُّ}: البياض يعني النور، نور في وجوه المؤمنين المتقين، وكناية عن السرور والبهجة سببه الإيمان والوضوء والتقوى.
{وَتَسْوَدُّ}: السواد من الظلمة، ظلمة في وجوه الكافرين كناية عن الخوف، والكآبة، وسببه الكفر، والشرك، والمعاصي، وقدم الذين ابيضت وجوههم للتشريف والتعظيم على الذين اسودت وجوههم.
والسواد والبياض في الآخرة لا يمدان بصلة إلى الاسوداد والابيضاض الذي نراه في الدنيا، واللون ليس دليلاً على حب أو كره الله لعبده.
فاللون الأسود في الدنيا قد يصبح لوناً أبيضَ في الآخرة، واللون الأبيض في الدنيا قد يصبح أسودَ في الآخرة.
فلون البشرة في الدنيا أسبابه تختلف عن لون البشرة في الآخرة.
فاللون في الآخرة يعود إلى الإيمان والكفر، وفي الدنيا يعود إلى الهرمونات والجينات والبيئة، وسوف تزول عوامل البيئة؛ لأن السموات والأرض سوف تتبدل آنذاك.
{فَأَمَّا}: الفاء: استئنافية، أما: حرف شرط وتفصيل.
{الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ}: بسبب تفرقهم واختلافهم، ومن سوء ما عاينوه من أهوال يوم القيامة.
والسواد نتيجة الغبرة التي ترهقها قترة، والقترة من القتار: وهو الهواء الممتلئ بدخان أسود يشبه دخان الدهن المحروق.
{أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}: أكفرتم: الهمزة همزة استفهام وتوبيخ، والخطاب موجَّه إلى أهل الكتاب الذين كفروا بمحمد -صلى الله عليه وسلم-.
أكفرتم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بغياً وتكبراً وحسداً بعد أن عرفتموه، كما تعرفون أبناءكم، ولم تؤمنوا به، أو الخطاب إلى المرتدين، أو المنافقين، والمبتدعين، والكفار بشكل عام.
{فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}: فذوقوا: الفاء: رابطة لجواب الشرط.
أصل الذوق يكون باللسان (الفم)، وشبه العذاب بشيء مما يؤكل أو يذاق.
{الْعَذَابَ بِمَا}: الباء: للإلصاق، أو السببية، ما: حرف مصدري.
{كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}: بسبب كفركم في الدنيا، وجاء بصيغة المضارع (لحكاية الحال)، وتجدُّد كفرهم وعدم توبتهم.