سورة غافر ٤٠: ٥٦
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِى صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}:
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ}: ارجع إلى الآية (٥)، والآية (٣٥)، والآية (٦٩) من السّورة نفسها للمقارنة.
فالآية (٥) تتحدث عن الدّافع أو الغاية من جدالهم وهو إبطال الحق وردّ المؤمنين إلى الكفر.
والآية (٣٥) تتحدث عن منزلتهم عند الله وعند الّذين آمنوا: المقت (أشد الكراهية).
الآية (٥٦) تتحدث عن كبرهم، والآية (٦٩) تتحدث عن تكذيبهم بالكتاب والرّسل ومصيرهم في الآخرة وما سيحلّ بهم.
إن: للتوكيد، {فِى}: ظرفية.
{صُدُورِهِمْ}: أي قلوبهم.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{كِبْرٌ}: أي تكبّر عن الإيمان بالله والاستجابة لرسوله، تكبّر دفعهم إلى عدم الاستماع لآيات الله وما نزل من الحق، وعدم إيمانهم بالبعث والحساب، وأخذوا يجادلون فيها ويتجدّد ويتكرّر جدالهم.
{كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}: ما النّافية، هم تفيد التّوكيد؛ أي: لن يتحقق أملهم ويصلوا إلى غاياتهم، والباء للتوكيد، وهو كبرٌ كاذب وزائل وإثمه عائد عليهم. والكبر تعريفه لغوياً: إظهار عظم الشّأن ورفع النّفس فوق ما تستحق، وعدم قبول الحق. ارجع إلى الآية (٨٧) من سورة البقرة لمزيد من البيان.
{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}: الفاء للتوكيد، استعذ بالله: أي اِلجأ إلى الله واطلب منه العون، من الكِبرْ، وكِبرْ هؤلاء وشرهم وكيدهم، واستعذ بالله. لم يذكر ما يستعيذ منه؛ ليفيد التّعميم.
{إِنَّهُ هُوَ}: إن للتوكيد، هو لزيادة التّوكيد.
{السَّمِيعُ}: لأقوالهم وأسرارهم ونجواهم وما يسرون وما يعلنون.
{الْبَصِيرُ}: بأحوالهم وأفعالهم وبما تمله جوارحهم, وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٢٠٠) في سورة الأعراف وهي قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}: جاءت في سياق الاستعاذة من الشيطان, وآية غافر الاستعاذة من كبر الذين يجادلون في آيات الله؛ فالله سبحانه يسمع ويعلم ما ينزغه الشيطان (في الأعراف) ويعلم الله ويبصر (يرى) كبر الذين يجادلون في آيات الله.