سورة غافر ٤٠: ٧٨
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُم مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَنْ لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِىَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِىَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}:
{وَلَقَدْ}: الواو استئنافية، لقد: اللام للتوكيد، قد للتحقيق؛ أي: تحقق إرسال الرّسل وتمّ، وقد تفيد التكثير في هذه الآية.
{أَرْسَلْنَا}: ولم يقل بعثنا، هناك فرق بين الإرسال والبعث. ارجع إلى الآية (١١٩) من سورة البقرة لمعرفة الفرق.
{رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ}: الخطاب موجّه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قيل: عددهم كما أخرج الإمام أحمد عن أبي ذرّ أن رسول الله قال: عدد الأنبياء مئة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، والرّسل من ذلك ثلاث مئة وخمسة عشر.
{مِنْهُم مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ}: أي في القرآن حيث ذكر الله سبحانه بعض الرّسل وعددهم (٢٥) رسولاً ونبياً.
{وَمِنْهُم مَنْ لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}: قصصنا: من قصّ والقَصَص.
ليس فيها خيال بل هي حق، وليس فيها افتراء أو اختلاق كما هو الحال في القِصص بكسر القاف الّتي قد يخالطها كذب وافتراء.
{وَمَا كَانَ}: الواو عاطفة، ما النّافية، كان: يجوز أو يحق أو يصح، وكان تشمل جميع الأزمنة الماضي والحاضر والمستقبل.
{لِرَسُولٍ}: اللام لام الاختصاص.
{أَنْ يَأْتِىَ بِآيَةٍ}: أن للتعليل والتّوكيد، يأتي بآية: دلالة أو بينة أو آية معجزة دالة على نبوته، أو أيّ آية مهما كانت.
{إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}: إلا أداة حصر، بإذن الله: بأمر الله وإرادته. والإذن: اسم للكلام الذي يفيد بأخذ فعل أو قول، والإذن: يأتي في سياق العمل الذي ليس لنا تدخل فيه؛ أي: هو خارج عن إرادتنا بينما القول إن شاء الله تستعمل في سياق الأمور التي لنا شأن فيها، أو تدخل، أو نقوم بها.
{فَإِذَا}: إذا شرطية ظرفية تفيد الحتمية.
{جَاءَ}: أي وقع الحدث.
{أَمْرُ اللَّهِ}: قد يكون: واحد من الأمور الشؤون، أو واحد من الأوامر مثل:
١ - إنزال العذاب والهلاك في الدّنيا.
٢ - يوم القيامة.
٣ - قضاءه.
٤ - الفصل بين الرّسل وأعدائهم (المكذبين).
{قُضِىَ بِالْحَقِّ}: حكم الله بالحق بين الرّسل وأقوامهم، بين عباده وبين الأمم. بالحق: الباء للإلصاق والملازمة؛ أي: الملازم للحق، والحق: هو الأمر الثابت الذي لا يتغير، والذي ليس هناك غيره.
{وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}: المبطلون: جمع مبطل: هو المصرّ على الباطل ومات مصرّاً على الباطل، والباطل: هو ما لم يأتِ به الشّرع، والباطل لغةً: هو الزائل الذاهب.
والباطل قد يطلق على الكذب والظّلم والشّرك والإحباط؛ أي: (حبطت أعمالهم). وخسر المبطلون أنفسهم وأهليهم.